لست بالبراءة التي أبدو عليها
فيّ من الشر ..
ما يكفي ..
لأجعلك تدمنين شقاواتي
أكثر ما يخيفني في هذا الغياب ..
هو أنه يحولك ..
من كائن عادي ..
يتساوى فيه الخير والشر ..
إلى كائن أسطوري ..
مجبول من الشر المطلق
في البداية كان انتفاخا بسيطا .. نصحه بعض أصدقائه بالذهاب إلى الطبيب ولكنه رفض .. في اليوم الثاني والثالث ازداد الانتفاخ وأصبح ملاحظا من كل من يراه .. كان سعيدا بذلك .. وكان يتهادى في مشيته كجمل .. بعد مدة بسيطة لم يعد قادرا على الدخول من الأبواب إلا بصعوبة فائقة .. ولكنه أصبح أكثر سعادة وهو يرى الآخرين ذوي الأحجام العادية يتحاشون طريقه .. وذات يوم كان قد بلغ من الانتفاخ درجة لم يعد فيها قادرا على استخدام كل ما هو عادي من بيوت ومكاتب وسيارات وجسور وأنفاق .. صارت حركته شبه معدومة .. صار أكثر خشونة وفظاظة وغلظة ولكن الآخرين صاروا أقل خوفا منه ورهبة ..
وأخيرا انتقل الخوف من صدورهم إلى صدره .. لقد أدركوا أخيرا أنه مجرد بالون منفوخ بالهواء
قالت: سأعود ..
انتظرها طويلا ولم تعد ..
أوشك زيت القنديل على النفاد ..
والباب الذي تركه مواربا (لعلها تعود) لم يدخل منه إلا الهواء البارد
نهض من فراشه .. أوصد الباب بإحكام .. أطفأ القنديل .. تحسس طريقه إلى الفراش ..
ولكنه لم يستطع النوم
لقد أدمن الانتظار!
هذا الصباح لم يكن واقفا في مكانه المعتاد ..
لم يسمعها عبارات الغزل الماجنة ..
لم ينظر إليها تلك النظرات الوقحة ..
لم ينفخ من فمه دخان سيجارته باتجاهها ..
هذا الصباح كان محبطا ومخيبا وتافها.
عادت أدراجها إلى المنزل
ارتمت على سريرها ..
غطت رأسها
وأجهشت بالبكاء