2008/06/14

أريحوني واستريحوا

أنا مثلكم جميعا:

لم اخلق نفسي بنفسي،

فقد خلقت كما خلقتم.

لم أكن ما أنا إلا لأنكم ما انتم.

فأريحوني واستريحوا.

فكيف تحاكمونني على أخطائي وما هي إلا بنات خطيئاتكم؟

أريحوني واستريحوا،

فلو لم يكن في نفوسكم ما في نفوسكم لما كنت ما كنت،

ولما أصبحت ما أصبحت،

ولما فعلت ما فعلت.

فأريحوني واستريحوا.

سأقول فكذبوني:

من اخترع سداسية الأسداس الست؟

أنا أم انتم أم القدر؟

* * * * * * *

يرحمك الله،

يا من سحقني هوسك بالسياسة والنساء،

فضيعتني كامرئ القيس صغيرا قبل أن تحملني دمك كبيرا.

يرحمك الله،

فلم افهم بعد الحكمة في أن تتركنا وأمي دون غيرنا في واد غير ذي زرع،

على أمل أن تهوي إلينا أفئدة من الناس.

ولم افهم أن تغيب عنا كل هذه السنين

لتخبرني ذات صباح انك ترى في المنام انك تذبحني.

لم افهم لأنك قد ذبحتني فعلا فيما توهمته مناما!

فهل تراني ولدا عاقا لأنني لم احضر حفلات زفافك العديدة؟

أم لأنني لم أخض حروبك بسيف من خشب ضد طواحين الهواء؟

كم عاقبتني لا لذنب ارتكبته،

وكم شوهني أن تذنب فأعاقب،

وان تشق عصا الطاعة فأجرجر،

وان أذوب كل صيف

أنا والمثلجات التي كان علي أن اقتات بها لأطعم الأفواه التي تركت؟

* * * * * * *

أريحوني واستريحوا.

صدقوني لا فرق عندي بين أن تطلقوا سراحي

وان تعلقوني وأنا أتلو ما تيسر من الشهادتين.

إن كنت بعت نفسي فمن اجل رغيف خبز،

ووطن لا خوف فيه.

فإن لم يكن ذلك متاحا إلا بذلك فأين الخطأ؟

وعلام تجحفلتم علي؟

* * * * * * *

قل لهم يا جدي

إنني لست أول من توهم عندما رأى الشمس والقمر.

ولكنك يا جدي كنت أسرع مني في التفلت والإفلات والانفلات،

فتفلت وافلت وانفلتت.

أما أنا فقد قيدتني من الأصفاد ما لا أطيق ولا تطيق.

قل لهم يا جدي انك مثلي:

طلبت ممن طلبت أن تتبعك ولا تلتفت إلى الوراء.

ولم يكن ذنبك أنها لم تفعل كما طلبت.

قل لهم يا جدي انك مثلي:

قيل لك سنأوي إلى جبل يعصمنا من الماء.

فإذا كان ذلك كذلك،

وأظنه كذلك،

فقل لهم يا جدي أن لا يرميني منهم بحجر إلا من كان بلا خطيئة.

وقل لهم إنني قد تبت توبة

لو وزعت على أهل الأرض جميعا لوسعتهم.