2012/06/09

ام امحمد

”والله وظليتي لحالك يا ام امحمد“

ارتجفت عندما سمعت الصوت .. انهت التشهد والصلاة الإبراهيمية بسرعة .. والتفتت إلى مصدر الصوت.

إلى صورته المعلقة على الجدار فوق الكنبة الكبيرة ..

منذ زمن طويل وهي تتحاشى أن تكلمه .. منذ أن جاءها خبر سقوطه على الأرض بينما كان يمد يده ليتناول صحن الكنافة في عرس سليمان ابن جيرانهم دار ابو محمود ونقله إلى طوارئ أقرب مستشفى متأخرا دقائق معدودات كانت كافية لإبقائه فاقدا للوعي مائة يوم بالتمام والكمال إلى أن عاد محمد وسالم من المستشفى مغرورقي العيون فعلمت أنه لن يعود ..

قالوا لها إنها كانت جلطة في القلب أدت إلى توقف القلب لمدة أدت لتدمير دماغه بنسبة قدرها الأطباء بأكثر من خمسة وتسعين بالمائة ..

وهناك في المستشفى .. عرفت لأول مرة أنه كان متزوجا من أخرى ..

التقت عيونهما للحظات ..

ثم لم ترها بعد ذلك أبداً ..

التزمت بيتها .. بل غرفة أخرى غير غرفتهما التي تحاشت أن تدخلها فبقيت على حالها .. وتحاشت أن تنظر إلى هذه الصورة التي جاءها صوته منها قبل قليل ..

قامت بتثاقل متجهة صوب الصورة .. أنزلتها من مكانها دون أن تنظر في عينيه .. كانت تخشى أن تلتقي عيناها بعينيه فتتراجع ..

بكل لطف أمسكت الصورة .. مسحت عنها غبارها .. لفتها بسجادة الصلاة التي كانت تصلي عليها قبل دقائق .. اتجهت نحو الباب بإصرار عجيب .. فتحته وخرجت منه وأغلقته خلفها .. رآها سليمان ابن الجيران ..

”وين العزم خالتي؟“

”الحقني بس“

سارا في الظلام صوب المقبرة .. وهناك جلست عند رأسه .. أخرجت الصورة وركزتها على شاهد القبر ..

وعادت إلى البيت ..

ولأول مرة منذ أن نقلوا لها خبر وفاته .. انهمرت عيناها بسيل من الدموع