2010/03/11

أحلام يقظة

أفاق من نومه متفائلا ..

”اليوم ستنتهي شهور الصمت والقطيعة والجفاء .. أنا متأكد من أنها تنتظر هذا اليوم منذ مدة لكي تتخذ من المناسبة حجة لوصل ما انقطع“ ..

انتصف النهار ولم يحدث شيء ..

وعند العصر سمع رنة رسالة قصيرة من موبايله ..

”لا بد أنها هي“ ..

بلهفة واستعجال فتح الرسالة .. ولكنها كانت رسالة غبية يعرض مرسلوها رنات للخلوي بصوت المطربة فلانة مقابل أربعين قرشا للدقيقة الواحدة ..

انتهى دوامه وعاد إلى البيت ..

”ستتصل الآن لتسألني ممازحة إن كان غدائي خبيزة“ ..

ابتلع لقيمات وأعاد صينية الأكل إلى المطبخ ..

حل الظلام فأضاء المكان الذي هو فيه وفتح النافذة لتعرف أنه موجود وأنه بالانتظار ..

كانت غرفتها مضاءة ونافذتها مفتوحة وكان يراها من وراء الستائر تتحرك في غرفتها ..

”لا بد أنها مشغولة الآن وعندما تفرغ سيحدث نوع من الإتصال .. مهما كان أنا موافق ولكن لتنته شهور الصمت والقطيعة والجفاء“ ..

في الساعة العاشرة والنصف أطفأت أنوار غرفتها ..

ولكنه لم يطفئ شيئا وأبقى النافذة مفتوحة ..

”فلعلها تفيق من نومها وترى النافذة والنور المضاء وتتذكر“.

2010/03/08

لماذا وقع العجين

كنا، أختي وأنا، نأخذ العجين إلى الخباز .. ولأننا صغار .. فقد كانت أمي تقسم أقراص العجين على سدرين مناصفة بيني وبين أختي ..

في المخبز كان هناك دائما رجلان .. شاب وختيار .. أما الشاب فكان اسمه إبراهيم .. وأما الختيار فكان اسمه موسى .. ولا نزال أنا وأختي نتذكر فرن إبراهيم وموسى كلما قرأنا في القرآن عن صحف إبراهيم وموسى ..

كان إبراهيم شابا سمينا طويلا أبيض اللون أحمر الوجه عبوسا دائم الصمت .. ربما لقربه من بيت النار .. أما موسى فكان ختيارا ضئيل الجسم مائلا إلى السمار وكان دائم الشتائم والتكفير والضحك ..

كان بيتنا على تلة أما الفرن فكان (تحت) في السوق ..وكان طريقنا إلى الخباز (حبلة) .. أي أنه كان نزولا من البيت إلى الفرن .. وصعودا من الفرن إلى البيت .. وكان ترابيا مع وجود صخرة كنا نعتبرها في ذلك الوقت عالية فكنا نقفز من عليها نزولا أو نتسلقها صعودا ..

وفي إحدى المرات – ولسبب ما – لم أنتبه للصخرة فتعثرت ووقعت .. ووقع سدر العجين الذي كان على رأسي .. فجلست على التراب أبكي خوفا من أن يضربني أبي .. فكل ما كانت ستفعله أمي هو أن تصنع سدر عجين جديدا .. وهذا ما حدث ..

وعلى أي حال فإن سبب قلقي الأهم والأكبر كان ”فتحية“ صديقة أختي وزميلتها في المدرسة .. فقد كان بيتها في منتصف الحبلة قريبا من مكان تلك الصخرة .. وكان كل همي أن لا تكون ”فتحية“ قد رأت ما حدث .. وبقيت بعدها وقتا طويلا وأنا أسأل أختي من وقت لآخر إن كانت ”فتحية“ قد (جابت لها سيرة) أنها شاهدت تلك الحادثة .. ولم أتوقف إلا بعد أن سألتني أختي بابتسامة ماكرة تحاول أن تخفيها:

”إنتي ليش بتظلك تسأل؟“

2010/03/05

الشورت الأحمر

لم تكن علاقتي بالوزات الثلاث علاقة ودية قط .. فكن كلما رأينني يستفززن ويركبهن ألف عفريت ..

وكان مكاني المفضل زاوية التقاء جدارين ارتفاع أحدهما يسمح لي بالاتكاء عليه والوقوف وقتا طويلا أراقب الطريق الرئيسي الذي يشق بلدتنا من الشرق إلى الغرب .. في حين كان ارتفاع الآخر الذي على يساري كافيا لإخفاء كل أعمال الولدنة التي أقوم بها عن أعين الجميع .. أما جهتا اليمين والخلف فقد كانتا شبه مسدودتين تماما بجذع شجرة التين الكبيرة والتي كان ظلها يحيل تلك الزاوية إلى محمية من محمياتي الطبيعية صيفا وشتاءا ..

في ذلك المكان بالضبط استفردت الوزات الثلاث بي .. وسرعان ما نزلت العفاريت من السماء أو انشقت عنها الأرض .. لا أدري ..

كان الشورت الأحمر الذي ألبسه بمثابة الوشاح الذي يستعمله الميتادور لاستفزاز ثيران المصارعة ..

لم يكن لي أي مهرب .. فقد هاجمنني من الجهتين الوحيدتين التين كان يمكن أن تكونان مهربي .. فتجمدت مكاني تنهشني مناقيرهن المسننة كالمناشير ..

وكانت نتيجة تلك (المواجهة) سيقانا مثخنة بالجراح وبنطالا ممزقا وحرماني من مكاني المفضل إلى أن اختفت الوزات الثلاث .. وكم كنت بذلك سعيدا

2010/03/04

بيولوجي – خمس قصص قصيرة جدا

كان خلفها .. وكانت تعلم أنه خلفها .. فقد كانت تحس بلسعات نظرات عينيه تتنقل في كامل مساحة خارطة الـ .. وطن ..

* * * * * * *

حركت رأسها يمنة ويسرة لكي تحرر شعرها الطويل من إساره .. فعبق جو المسافة الفاصلة بينهما برائحة الـ أنوثة الـ مستبدة

* * * * * * *

- ”بحبك“

- ”ن ن ن ن ن ن نعم؟“

- ”بقلك بحبك“

- ”مش سامع“

- ”مبلا سامع“

- ”مش سامع“

- ”بقلك بحبااااااااااااااااااااااااااااااااااااك“

* * * * * * *

أمسك فنجان القهوة ووضعه على شفتيها .. وبكل (براءة) لمست رؤوس أصابعه (صدفة) صفحة خدها الأسيل .. فارتعشت القهوة.

* * * * * * *

كان لقبلتهما طعم .. أقسم كلاهما أن لتلك القبلة طعما .. طعم لا يشبه أبدا أي طعم آخر ذاقه أي منهما في حياته.

2010/03/01

ماذا لو؟

بسرعة انتشار النار في الهشيم انتشر الخبر ..

”هل سمعتم؟“

”يقال أنه (والعياذ بالله) انتحر!“

”لا أعتقد أنه انتحر .. هو أجبن من أن ينتحر .. قلبه ضعيف ولم يتحمل .. فكان ما كان ..“

”يا إخوان .. لا يجوز على الميت سوى الرحمة .. ترحموا عليه!“

”إذا كان صحيحا أنه انتحر فلا يجوز أن نترحم عليه .. المنتحرون يخلدون في النار“

”يقولون أنه كان ..“

”هاهاهاها .. من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله“

”ياما تحت السواهي دواهي .. اخ تفو على هيك أشكال“

وحدها .. كانت صامتة ..

لم تشترك بكل ذلك النقاش ..

اغرورقت عيناها بالدموع .. فمسحتها سريعا ..

وتشاغلت بالنظر إلى مكان بعيد.