كنت في العاشرة تقريبا عندما كتبت رسالة (الغرام) الأولى لبنت الجيران. كانت أول (قصيدة) أكتبها. وكانت تلك البنت أول أنثى تحرك فيّ مشاعر (رجل) ل (امرأة) ..
لم تكن تلك (القصيدة) شعرا كما أفهمه الآن، بقدر ما كانت تجميعا لكلمات عن الحب كنت قرأتها في تلك القصص المنشورة في مجلات الموعد والشبكة .. أو سمعتها في أغنية من الأغاني الشائعة تلك الأيام .. أغاني عبد الحليم وفريد الأطرش وأم كلثوم ووردة .. وعلى كل حال لم تكن تلك الرسالة مكتوبة على الورق الملون والمطرز برسومات الورد والقلوب التي تخترقها السهام .. بل كانت على ورقة (مزعتها) من أحد دفاتري .. وعلى الأغلب كان أثر الكتابة بالقلم على الورقة التي قبلها قد ترك أحافيره عليها ..
المهم أن المشكلة الحقيقية كانت كيفية إيصال تلك الرسالة إلى (حبيبتي) .. وهنا تبرع صديق لي بإيصالها ..
- كيف راح توصلها؟
- انت هاتها وما عليك .. بعطيها لفلانة (صديقتها) وهيه بتوصلها
- ممتاز
أعطيته الرسالة. لمعت عيناه ببريق غريب. واختفى ..
مر يوم .. يومان .. ثلاثة .. اسبوع .. ولم ألاحظ على (حبيبتي) أي أثر يدل على تأثير (معلقتي) عليها .. لا نظرات .. لا ابتسامات .. لا هزة رأس ذات دلالة .. لا شيء إطلاقا .. إطلاقا .. إطلاقا ..
مرت الأيام .. ونسيت أمر تلك الرسالة .. ثم مرت الأيام .. ونسيت (حبي) لتلك الفتاة .. ثم مرت الأيام .. ونسيت الفتاة نفسها .. وذات يوم .. بعد أن دخلت في الثلاثينات، التقيت بذلك (الصديق) في أحد الباصات، بعد فراق دام ما يزيد عن عشرين سنة ..
- انت محمد؟
- إنت أحمد؟
تصافحنا .. دفعت عنه أجرة الباص. وتجاذبنا حديث الذكريات ..
قبل أن ينزل من الباص قال:
- محمد، متذكر الرسالة اللي أعطيتني اياها عشان أوصلها ل(فلانة)؟
ضحكت متسائلا ..
- بتعرف؟ انت خدمتني بهالرسالة خدمة العمر
وضحك
- كيف؟
- انا صحيح وصلت الرسالة .. بس ع اساس انها مني إلها .. فرحت فيها كثير .. وهي الآن زوجتي