عندما صعدت إلى الباص لم أجد مقعداً فارغاً .. فوقفت ممسكاً بإحدى الدلايات .. تذكرت نكتة قرأتها على صفحة صديق فابتسمت .. (جحرني) شاب كان يجلس على مقعد قريب من الباب الخلفي فتشاغلت عنه بالنظر من النافذة ولكنني لم أستطع منع نفسي من مواصلة الابتسام .. جحرني شخص ثان وثالث ورابع .. ثم ارتفعت الهمهمات .. أوقف السائق الباص على يمين الشارع ونهض عن مقعده متوجهاً نحوي
- شو خيو؟ شكله جنابك مش معبي عينك حدا يعني؟
ازدادت ابتسامتي فاحمر وجهه وانتفخت أوداجه ..
أطفأ السائق المحرك وأقفل الأبواب وأجرى مكالمة هاتفية .. بعد ثوان قليلة توقفت أمام الباص سيارة شرطة .. أشار لهم السائق نحوي ..
- تفضل معنا لو سمحت!
- ليش؟
- بالمغفر بتفهم
أنزلني الشرطيان أمام المخفر واقتاداني إلى الضابط ..
- المشبوه .. سيدي
نظر الضابط نحوي متفحصاً ..
- هويتك لو سمحت
ناولته بطاقة الهوية دون أن أتوقف عن الابتسام ..
- إسمك وإسم أمك والبلد الأصلي وعنوان سكنك ومكان عملك
أجبته عن كافة الأسئلة وأنا ابتسم
رفع الضابط سماعة التلفون واتصل برقم ما .. بعد خمس دقائق كنت أجلس، مبتسماً، مقيد اليدين والقدمين، في سيارة الترحيلات محاطاً بعدد من رجال الشرطة المدججين بالأسلحة .. كانت المركبات تفسح الطريق لسيارة الترحيلات التي تقلني .. وكنت أنظر إلى العالم الخارجي المكفهر .. وابتسامتي تتسع وتتسع.