لم تعد الطيور - التي كانت تعبر سماءنا متجهة من الشمال إلى الجنوب في بعض الفصول، أو من الجنوب إلى الشمال في فصول أخرى - لم تعد تكمل طيرانها الجميل.
وقد قيل في محاولات تفسير ذلك كلام كثير، يتناقض آخره مع أوله .. كثقب الأوزون .. وانحراف محور دوران الأرض حول نفسها .. والتحركات الجيولوجية التي تسببت أو يخشى أن تتسبب في انتقال بعض الثروات الجوفية من مكان إلى مكان .. والتغيرات المناخية .. والمؤامرات .. والتغيرات الكمية المتراكمة التي لا بد أن تؤدي حسب مبادئ الديالكتيك إلى تغيرات نوعية .. إلخ إلخ إلخ.
إلا أن تلك التفسيرات لم تقنعني فأنا شكاك بطبعي .. وأعتبر أنها جميعها مختلقة: بسبب الأوهام، أو بقصد الإيهام ..
ومما زاد في شكوكي أنني بدأت أسمع همهمات من هنا وهناك بأن من واجبي أنا - دون كل هذه المليارات التي تملأ هذا الكوكب المتسخ - أن أبحث عن أسباب اتساخه .. وأن أركب حمار دونكيشوت وأحمل سيفه الخشبي وأحارب نيابة عن تلك الطيور ضد طواحين الهواء.