”بتقدر تروح هسه“
ورجعت حافيا كما جئت حافيا .. ولكن الفرق الجوهري الأول هو أنني جئت (أقصد جيء بي) في سيارة محشورا بين رجلين يتبادلان صفعي ولكمي .. وأن علي الآن أن أرجع إلى البيت ماشيا .. أما الفرق الجوهري الثاني فانتفاخ قدمي من جراء عدة جلسات متقطعة من التحقيق (الودي) ..
كان عمري خمس عشرة سنة .. نعم .. خمس عشرة سنة فقط ..
كل ما كانوا يريدون معرفته هو أين يمكن أن يكون أبي .. وعندما ذكرت أماكن معينة أخذوني إليها تسترني عتمة الليل وعتمة السيارة وعتمة إجباري على خفض رأسي بين الرجلين كي لا يراني أصحاب المكان .. ولما لم يجدوه في أي من تلك الأماكن اعتبروني أضللهم كي يتاح للهارب مزيد من الوقت لمزيد من الهرب .. ولكنهم أدركوا أخيرا أنني لم أكن أعلم فعلا وأنها لم تكن بطولة ولا تضحية ولا تعاطفا مع هارب كائنا من يكون .. فتركوني أعود إلى البيت ..
كانت المسافة بين مقرهم وبيتي نصف ساعة لشخص طبيعي في ظروف طبيعية .. ولكنني احتجت إلى ثلاثة أضعاف ذلك الوقت لكي أصل .. وعندما أشرفت على أول الدخلة المؤدية إلى بيتنا لمحت رجلا بكرش منتفخ يقف تحت نافذتنا .. تجاوزته وصعدت درجات السلم الثلاث وطرقت الباب. فتح لي ودخلت .. وقبل أن أتمكن من دخول الحمام سمعت طرقا شديدا على الباب الخارجي. ذهبت وفتحت الباب لأجد ذلك الرجل
”تعال معي .. بدنا إياك بكلمتين“
وجرني حافيا