2010/02/04

الخلافة وقناع التقوى

أخذني أبي معه ذات صيف لزيارة بعض أقربائه. كان أبي يحرص غالبا على أن يأخذني معه في زياراته لأقاربه وأصدقائه. وكانت بيوتهم – كما بيتنا – ضيقة. وكانت الزيارات عادة ما تمتد حتى وقت متأخر من الليل حيث لا تصبح العودة إلى البيت ممكنة لتأخر الوقت ..

وكانت الأحاديث دائما تتحول إلى نقاشات حامية .. وكانت الأصوات ترتفع وتحتد. وفي تلك النقاشات الحامية كنت أسمع أسماء ومصطلحات. كالخلافة والعمالة وعبد الناصر وحسن البنا .. لم أكن أفهم شيئا .. كل ما كنت أفهمه هو أن شجرة الرمان تكون بعيدة عندما لا نكون في البيت .. وكنت أحس لذلك السبب بسعادة غامرة ..

في تلك الليلة .. وبعد سهرة نقاش حامية فرشوا لنا في حوش الدار. كان أحدهم يحكي لي حكاية. وكنت مستمتعا بحكايته إلى أن أحسست بيده تتسلل تحت ملابسي لتتحسس جسدي الطفولي. صعقت. فقد كان ”هو“ من أشد المتحمسين للخلافة ومن أكثر المواظبين على صلاة الجماعة. وكلما ازدادت يده إصرارا للوصول إلى أماكن محددة كلما ازددت إصرارا في الابتعاد بتلك الأماكن عن متناول يده ..

لم يعد سرد الحكاية أول همه ولا الاستماع إليها غايتي. كل ما تمنيته في تلك الليلة أن يطلع الصبح سريعا وأن لا أنام.