2010/02/27

وآمنهم من خوف

في مساء اليوم السابق بدأت أصوات الاشتباكات تصلنا من بعيد. ولكنها لم تتوقف عن الاقتراب طوال الليل. وكلما هدأت الأصوات قليلا كانت السماء تضاء بقنابل إنارة تحيل الليل نهارا، وقبل أن ينتصف النهار كانت أصوات الرصاص وصرخات الرجال والحجارة المتساقطة على سطح البيت من المئذنة الملاصقة تحيلنا جميعا إلى جسد واحد مرتجف هلعا ورعبا ..

حطمت صلية رصاص قفل الباب الحديدي. وفي أقل من لمح البصر اقتحم البيت ثلاثة رجال أيديهم على زناد بنادقهم الأوتوماتيكية فيما كانت عيونهم تتقادح شررا باحثة في أرجاء المكان عن مسلحين من الطرف الآخر.

كانت أمي قد حشرتنا جميعا وراء ظهرها تحت طاولة خشبية .. فأخرجونا من تحتها واحدا واحدا .. وعندما أخرجوني ظنوني صيدا ثمينا فانهالوا علي بأعقاب بنادقهم .. ربطوا يدي وراء ظهري .. وربطوا على عيني فلم أعد أرى أي شيء ..

كان أبو إبراهيم على سطح البيت .. ما الذي أتى به في هذه الساعة؟

”أم محمد .. إنتي بس إعطيهم السلاح اللي عندكم وبيتركولك إبنك“ ..

سمعت الرجال الثلاثة يسحبون أقسام بنادقهم .. صرخت أمي متوسلة محاولة إقناعهم بأنها تهمة باطلة وبأننا بريئون منها .. فقرروا أخذي معهم بدلا من قتلي ..

تسللت أمي إلى دار جارنا أبو مروان .. فالرجل (واصل) وذو كلمة ونفوذ .. وزوجته جارة أمي وصديقتها وطالما كان بينهن ود وتزاور .. وعندما مر الرجال الثلاثة يسوقونني أمامهم مربوط اليدين والعينين أمام بيته خرج لهم ..

”أنا أبو مروان .. الولد عندي .. إتركوه لأمه على مسؤوليتي“