كان يمكن أن أكتب عن عطش الأرض لماء السماء .. وعن رائحة التراب المتلهف شوقا للمطر .. وعن فرحة الصغار والكبار بقطرات المطر الأولى في هذا الصباح الأيلولي الجميل ..
ولكن تلهفي لارتشاف فنجان قهوتي الصباحية كان أقوى .. فأجلت الكتابة ريثما أعد لنفسي غلاية من القهوة (أتمزمز) عليها وأنا أكتب .. ولكن منظر علبة القهوة فارغة صدمني فسارعت بارتداء عباءتي لأنزل إلى السوبرماركت القريب من البيت لأشتري لي وقية من القهوة ..
وزن لي أبو محمد وقية القهوة ولم ينس إضافة (التحويجة) التي يعرف جيدا مقدار حرصي عليها .. وبعد أن أحكم إغلاق الكيس الورقي باللاصق الشفاف ووضعه في كيس آخر شفاف من البلاستيك، وضعه أمامي قائلا: (275) ..
وكانت تلك الصدمة الثانية التي أصاب بها بعد صدمتي الأولى بمنظر علبة القهوة الفارغة .. (275 شو؟) سألت أبا محمد وقد تجسدت على وجهي كل علامات البؤس والاندهاش والمواطنة الصالحة ..
(275 شو يعني؟)
رد أبو محمد على سؤالي بسؤال .. ففهمت أن سؤالي كان سؤالا غبيا ..
وعدت إلى البيت .. وأعددت قهوتي .. ولكن طعمها هذه المرة كان مختلطا بالكثير من مرارة الطحن والانسحاق ..
ترى .. هل يحس أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة بهذا الطعم الذي أحس به الآن؟