2010/09/05

بين الإبداع والإبتداع

أنا امرأة تحب الشعر كثيراً .. وأزعم أنني أحفظ الكثير منه .. وبلغ مني حب الشعر أنني أستطيع اكتشاف الأبيات المكسورة سماعيا دون الحاجة إلى تقطيعها باستخدام الورقة والقلم ..

ولحبي للشعر فقد لفت انتباهي ما ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى: ”الشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون“ ..

ولما كان القرآن كلام الله المنزل على نبيه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فقد اجتهدت في محاولة التوفيق بين حبي للشعر وإيماني المطلق بالله ونبيه وكتابه .. وتوصلت إلى ما قد يكون توصل إليه غيري .. من أن الآيات المذكورة ليست تقريرا لواقع أو حقيقة تنطبق على كل الشعراء بقدر ما هي توجيه رباني للشعراء بأن يجتنبوا الصفات التي ذمتها الآيات واعتبرتها نقيصة في الشعر والشاعر ..

ومن ذلك أن يصف الشاعر نفسه في مجال التفاخر أو المدح بصفات لا تجوز إلا لله أو لنبي .. كأن يقول لمحبوبته مثلا (يا معبودتي) .. أو (يا خالقتي) .. أو كأن يقول لها بأن جمالها (ليس له كفوا أحد) .. أو يدعي أنه سيصنع لها أو معها (جنة عرضها السموات والأرض أعدت للعاشقين) .. أو أن يمدح زعيما أو شاعرا أو فيلسوفا أو رجلا ذو سلطة ونفوذ بأنه (نبي هذا الزمان) .. أو بـ (الملهم) .. والأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر لها ولا عد ..

والمصيبة لا تقف عند هذا الحد .. فهو إن ذهبت تنصحه بالتوقف عن ذلك اتهمك بأنك لا تفهم بالإبداع .. وبأنك تحاربه غيرة وحسدا وحقدا .. ولا مانع عنده من استخدام عبارات وكلمات الاستهزاء والتهكم منك ومما تقول .. فأنت (ذو نظرة مشايخية) .. وأنت دون مستوى فهم عمق كلامه وتعبيراته .. وأنت لا مكان لك في عصر النور والتنور لأنك ظلامي لا تفهم بالمجاز ولا تتقنه ..

ترى .. ألا ينطبق على هؤلاء قوله تعالى: ”وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم“؟