2011/01/24

المتشابهان

نزع خاتمها من إصبعه ووضعه بهدوء على سطح الطاولة الفاصلة بينهما

نزعت خاتمه من إصبعها ووضعته بهدوء على سطح الطاولة الفاصلة بينهما

قام عن كرسيه، استدار، ومشى صامتا إلى البوابة الشمالية للمقهى

قامت عن كرسيها، استدارت، ومشت صامتة إلى البوابة الجنوبية للمقهى

لم يلتفت أبدا إلى الوراء

ولم تلتفت أبدا إلى الوراء

كم كانا متشابهين!

2011/01/20

حب من نوع خاص

- أنت أكثر وسامة وجاذبية من أن تكون حقيقيا

- ولكنني هنا، من أجلك، يا صغيرتي

سمعت صوت خطوات أمي قادمة من المطبخ ..

فتراجع حبيبي، الشاعر الجاهلي، إلى الوراء .. واختفى، بسرعة، بين سطور القصيدة

2011/01/19

بيت له أبواب

كل ما كانت تريده .. بيت .. له أبواب .. تستطيع أن تفتحها متى تشاء .. وتغلقها متى تشاء ..

شهادة

لم تكن تلميذة متفوقة .. ولكنها لم تكن أيضا من الكسولات ..

لم تكن دريسة .. كانت تكتفي بالإنصات إلى المعلمة وهي تشرح الدرس .. وكان ذلك وحده كافيا لتجتاز كل امتحاناتها بنجاح ..

قال لها: تكملين تعليمك عندما نتزوج ..

تزوجت ولكنها لا تزال كل عام تدفن جزءا من الحلم القديم

فرحة

لم تكن يوما أكثر سعادة مما هي في الأيام القليلة الماضية .. فمنذ أن أسرت له أن الدورة لم تأت في موعدها المتوقع تغير فيه كل شيء .. وها هو يحتضن كفها بكفه وهما جالسان في عيادة طبيبها الذي كان مستغرقا في قراءة التحاليل ..

رفع الطبيب عينيه عن الأوراق وهز رأسه ..

خرجا من العيادة .. كانت تلهث محاولة اللحاق به .. أما هو فكان يستعرض في خياله صور الفتيات اللواتي رشحتهن والدته ليختار من بينهن واحدة لتكون أم العيال.

2011/01/12

مطر على صفيح بارد

أيقظتها أصوات الرياح وهطول المطر المتساقط بغزارة على سقف وجدران البراكية المصنوعة من ألواح الزينكو. ورغم الظلام استطاعت إلقاء نظرة على أشباح أطفالها الثلاثة النائمين ببراءة على يسارها. أحكمت الأغطية فوقهم لتمنع تسرب الهواء البارد إلى أجسادهم الغضة. إلتمعت عيناها فخاطبتهم في سرها وهي تبتسم: في مثل هذا الوقت من العام القادم يجب أن يكون عددكم قد ازداد واحدا.

والتصقت أكثر بالنائم على يمينها متعمدة إلقاء المزيد من الحطب على النار الهادئة.

2011/01/09

بسسسسسسست

صعدت روحي إلى بارئها في الساعة الثانية والدقيقة الثانية والعشرين من صباح الخميس الموافق الثاني والعشرين من شهر شباط .. اتصل المستشفى برقم الهاتف المسجل لديهم في بطاقتي .. حضرت زوجتي وابني وابنتاي .. رفعوا عن وجهي الغطاء وسمعت صوت بكاء .. ثم زوجتي تجري بعض المكالمات الهاتفية .. بعد قليل حضر إخوتي وسمعتهم يتفقون على إبقائي في ثلاجة المستشفى على أن يعودوا صباح الجمعة لأخذ جثماني .. وإلى أن يحين صباح الجمعة سيقومون بإبلاغ الأقارب والأنسباء والأصهار وزملاء العمل ونشر النعي في الجريدة ونشرة أخبار الساعة العاشرة صباحا وترتيبات الصلاة علي والجنازة والدفن وأخذ العزاء ..

نقلوني في صمت إلى ثلاجات الموتى في طابق التسوية ب2 .. كان المكان باردا ومظلما وشديد الهدوء .. فيما عدا ذلك كان مريحا جدا ..

فتحوا باب الثلاجة في الساعة التاسعة من صباح الجمعة .. نقلوني إلى غرفة غسل الموتى حيث قام سائق عربة نقل الموتى نفسه بتغسيلي وتكفيني وملء ثقوبي بالقطن .. ثم انطلقت بي العربة بمعية ابني وإخوتي وأزواج أخواتي إلى مسجد الحي الذي كنت أسكن فيه ..

تساءل الشيخ عن المتوفى فأخبروه باسمي .. ويبدو أنه هز رأسه حيث سمعته ينفي أنه يعرفني ويطلب منهم أن يضعوني في الجهة اليمنى على يمين مدخل المسجد فوضعوني وتحلقوا حولي يقرؤون القرآن إلى أن بدأت الخطبة .. كانت الخطبة مملة جدا فغفوت .. وكنت متأكدا أن الكثيرين غفوا أيضا بانتظار انتهاء الخطبة فالصلاة ..

بعد انتهاء الصلاة نقلت بعربة نقل الموتى إلى المدافن .. استغربت السرعة التي كانت سيارات الموكب تسير بها .. وبصراحة فقد امتعضت فقد كنت أريدها جنازة مهيبة تسير ببطء وحزن ولكنهم كانوا كمن يستعجل إلقاء حمل ثقيل تنوء به ظهورهم ..

وبسرعة غير متناسبة مع جلال الموقف جرى كل شيء .. الدفن والتلقين والاصطفاف على بوابة المقبرة .. ثم .. ها أنا وحدي أخيرا ..

انتظرت الملكين والسؤال ولكن ..

”بسسسست“

هل كان صوتا أنثويا؟

”بسسسسسسست“

هذه المرة لم يكن ثمة شك .. نعم هو صوت أنثوي ..

”شو يا حلو؟“

”نعم؟ أنا؟ حلو؟“

”يا سيدي أيون إنت .. ولا .. لا يكون مش عاجبينك إحنا؟“

”أستغفر الله يا أختي“

”أختي؟ هاهاهاهاهاهاها“

”طيب بلاش أختي .. يا زميلتي .. بينفع؟“

”صحيح إنك دب .. يا إبني وحدة بتقولك يا حلو .. قلها يا حلوة ع الأقل .. مش ردوا بأحسن منها أو مثلها؟“

”طيب يا ستي .. قصدي يا حلوة .. ممكن نتعرف؟“

”محسوبتك شهرزاد .. ينفع؟ يا .. شهريار؟“

أعجبتني النكتة فندت عني قهقهة

”يبدو أن ليلتنا أنس يا زميلة شهرزاد .. ولكن كملي معروفك وعرفيني على الزملاء اللي حوالينا“

”سيبك منهم يا حلو .. كل واحد منهم بحاله .. خليك معاي أنا وصحصح“

وهكذا كان .. صحصحت ..

ولم يعد يهمني زارني قوم تبع أم نسوني

2011/01/08

الدب

‎ .. وبينا أنا في الصحراء رأيت دبا قادما نحوي .. فلما وصلني قال لي: سمعت أنك في طريقك إلى القطب؟ قلت: نعم. ظل يلح علي أن آخذه معي وأنا أتعذر بشتى الحجج. فأطرق. وأخيرا سمعته يقول لي وعيناه مملوءتان بالدموع: إذن فأحضر لي معك من هناك قليلا من الثلج أقبله!

2011/01/05

قوس قزح

نفد دواؤه فطلبه ..

قالوا له: ما حاجتك إلى الدواء؟ ألست محكوما بالإعدام؟

قال: ولكنني مريض. ورفضكم تزويدي بالدواء لا يرضي الله.

قالوا: وهل يعرف كافر مثلك ما يرضي الله وما يسخطه؟

قال: ولكن حرمان أي مريض من الدواء جريمة!

قالوا: بل إعطاء من هم مثلك الدواء هو الجريمة.

وعلى بعد آلاف الأميال، كانت مريم العذراء تبتسم بين دموعها لطفل صغير، وقف أمام تمثال الحرية ممسكا (حمامته). وكانت أضواء قادمة من مكان ما تنكسر راسمة على رشقات بوله قوس قزح

2011/01/04

الحسناء والبسوس والطالب الجامعي

بعد أن انتهت الدكتورة الحسناء من إلقاء محاضرتها فتحت الباب أمام أسئلة الحضور.

سألها طالب جامعي كان يغزو عاما ويحج عاما: ألا تعتقدين، آنستي، أن ثمة علاقة وثيقة بين حرب البسوس وهزيمة العرب أمام إسرائيل في حرب الأيام الستة؟

قلبت الحسناء شفتيها استياء ..

فيما بعد، أصبحت الدكتورة الحسناء سفيرة لبلادها في عاصمة الأناقة. أما الطالب الجامعي، فلا يزال، حتى الآن، يغزو عاما ويحج عاما.

2011/01/03

أمولة

استيقظت ”أمولة“ في نفس الوقت الذي تستيقظ فيه كل صباح .. ولكنها، كعادتها، ظلت مستلقية تجول بعينيها في أرجاء الغرفة وهي تتذكر تفاصيل ما حدث معها أمس .. كانت تبتسم وهي تتذكر اللعب والنطنطة وكل الشقاوات والمقالب التي صنعتها أمس بأمها وأبيها وأخيها ..

وأخيرا كان لا بد أن تنهض من فراشها ..

- مامااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اا

ندت عنها صرخة مذعورة

جاءت أمها راكضة .. وفي عينيها كل ما يمكن أن تحمله أم من لهفة وخوف على ابنتها الوحيدة .. ألقت نظرة إلى المكان الذي كانت عينا ابنتها معلقتين عليه .. و ..ابتسمت ..

وجلست على طرف السرير محتضنة ابنتها وهي تشدها إلى صدرها وتداعب شعرها.

وتحدثت إليها طويلا ..

ومنذ ذلك الصباح .. اختفت ضفيرتان وشبرة حمراء

خربشة بعد منتصف الليل

كان يعلم ما تعنيه تلك الخربشة على باب الشقة.

تسلل من فراشه بكل هدوء، محاذرا أن تستيقظ النائمة بكل اطمئنان إلى جواره. فتح باب الشقة، وصعد درجات السلم إلى السطح بهدوء قطة تتهيأ للانقضاض على فأر.

وهناك في نفس الزاوية المعتمة كان يقف، كما توقع، شبح أسود ذو عينين لامعتين.