2011/01/09

بسسسسسسست

صعدت روحي إلى بارئها في الساعة الثانية والدقيقة الثانية والعشرين من صباح الخميس الموافق الثاني والعشرين من شهر شباط .. اتصل المستشفى برقم الهاتف المسجل لديهم في بطاقتي .. حضرت زوجتي وابني وابنتاي .. رفعوا عن وجهي الغطاء وسمعت صوت بكاء .. ثم زوجتي تجري بعض المكالمات الهاتفية .. بعد قليل حضر إخوتي وسمعتهم يتفقون على إبقائي في ثلاجة المستشفى على أن يعودوا صباح الجمعة لأخذ جثماني .. وإلى أن يحين صباح الجمعة سيقومون بإبلاغ الأقارب والأنسباء والأصهار وزملاء العمل ونشر النعي في الجريدة ونشرة أخبار الساعة العاشرة صباحا وترتيبات الصلاة علي والجنازة والدفن وأخذ العزاء ..

نقلوني في صمت إلى ثلاجات الموتى في طابق التسوية ب2 .. كان المكان باردا ومظلما وشديد الهدوء .. فيما عدا ذلك كان مريحا جدا ..

فتحوا باب الثلاجة في الساعة التاسعة من صباح الجمعة .. نقلوني إلى غرفة غسل الموتى حيث قام سائق عربة نقل الموتى نفسه بتغسيلي وتكفيني وملء ثقوبي بالقطن .. ثم انطلقت بي العربة بمعية ابني وإخوتي وأزواج أخواتي إلى مسجد الحي الذي كنت أسكن فيه ..

تساءل الشيخ عن المتوفى فأخبروه باسمي .. ويبدو أنه هز رأسه حيث سمعته ينفي أنه يعرفني ويطلب منهم أن يضعوني في الجهة اليمنى على يمين مدخل المسجد فوضعوني وتحلقوا حولي يقرؤون القرآن إلى أن بدأت الخطبة .. كانت الخطبة مملة جدا فغفوت .. وكنت متأكدا أن الكثيرين غفوا أيضا بانتظار انتهاء الخطبة فالصلاة ..

بعد انتهاء الصلاة نقلت بعربة نقل الموتى إلى المدافن .. استغربت السرعة التي كانت سيارات الموكب تسير بها .. وبصراحة فقد امتعضت فقد كنت أريدها جنازة مهيبة تسير ببطء وحزن ولكنهم كانوا كمن يستعجل إلقاء حمل ثقيل تنوء به ظهورهم ..

وبسرعة غير متناسبة مع جلال الموقف جرى كل شيء .. الدفن والتلقين والاصطفاف على بوابة المقبرة .. ثم .. ها أنا وحدي أخيرا ..

انتظرت الملكين والسؤال ولكن ..

”بسسسست“

هل كان صوتا أنثويا؟

”بسسسسسسست“

هذه المرة لم يكن ثمة شك .. نعم هو صوت أنثوي ..

”شو يا حلو؟“

”نعم؟ أنا؟ حلو؟“

”يا سيدي أيون إنت .. ولا .. لا يكون مش عاجبينك إحنا؟“

”أستغفر الله يا أختي“

”أختي؟ هاهاهاهاهاهاها“

”طيب بلاش أختي .. يا زميلتي .. بينفع؟“

”صحيح إنك دب .. يا إبني وحدة بتقولك يا حلو .. قلها يا حلوة ع الأقل .. مش ردوا بأحسن منها أو مثلها؟“

”طيب يا ستي .. قصدي يا حلوة .. ممكن نتعرف؟“

”محسوبتك شهرزاد .. ينفع؟ يا .. شهريار؟“

أعجبتني النكتة فندت عني قهقهة

”يبدو أن ليلتنا أنس يا زميلة شهرزاد .. ولكن كملي معروفك وعرفيني على الزملاء اللي حوالينا“

”سيبك منهم يا حلو .. كل واحد منهم بحاله .. خليك معاي أنا وصحصح“

وهكذا كان .. صحصحت ..

ولم يعد يهمني زارني قوم تبع أم نسوني