ما عادت هذي النافذة الحمقاء تطل على ساحات الوردْ
ما عادت تدخل إلا البردْ
نافذة لا تنعش قلباً يبسه الصدْ
أولى بالسدْ
ما أبشع أن يشنق ماضٍ أو يجهض غدْ
ما عادت هذي النافذة الحمقاء تطل على ساحات الوردْ
ما عادت تدخل إلا البردْ
نافذة لا تنعش قلباً يبسه الصدْ
أولى بالسدْ
ما أبشع أن يشنق ماضٍ أو يجهض غدْ
لست (والحمد لله) من مطالعي الصحف أو متابعي وسائل الإعلام المختلفة .. لأنها كانت تشعرني (كلما طالعتها أو تابعتها) بأنني إنسان غير سوي .. فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية عال العال، وليس في الإمكان أبدع مما كان، فأقتنع (والحالة هذه) أن علي أن أعرض نفسي على لجنة طبية مختصة بالأمراض النفسية والعقلية، (لأن ما أشعر به يتناقض مع (الحقائق) التي تدمغني بها تلك الصحف والوسائل)، لكي أحصل (وعلى نفقتي الخاصة) على العلاج المناسب الذي سيعيدني إنساناً سوياً ومواطناً صالحاً ..
بالمناسبة، حدا يشرحلي شو يعني (بالضبط) كلمة (مواطن)؟
ملابسها آخر أناقة، صيغتها وساعة يدها والاكسسوارات التي ترتديها آخر (فخارة)، حقيبة يدها وحذاءاها بالشيء الفلاني ..
أوقفت سيارتها بقربي وابتسمت في وجهي .. (آه والله ابتسمت) .. وقالت: ممكن سؤال لو سمحت؟
طبعا (وكأي رجل شرقي) استنفرت، وصرت في أعلى درجات التأهب والجاهزية، وقلت: أكيد تفدلي (=تفضلي .. طبعا انا عادة بقول تفظلي) ..
قالت: أأرب (=أقرب)كازية أديش (=قديش) بتبعد من هون؟
وصفت لها بالتفصيل الممل المسافة والطريق بحيث تستطيع الوصول حتى لو اغمضت عينيها .. ابتسمت مرة أخرى (تؤبرني ابتسامتها شو بتجنن) وقالت: شكراً .. بس ممكن أتلب (=اطلب) منك تلب (=طلب) تاني؟
قلت لها: ولوووو! ..
رسمت على وجهها نظرة حزينة وقالت: للأسف مو حاملة مساري (=مصاري) .. ممكن لو بس خمس دنانير عشان أحت (=أحط) نؤتتين (=نقطتين) بنزين بوسلوني (=يوصلوني) للبيت؟
أضحك، ليس لأن حياتنا حلوة، فواقعنا مأساوي، ولكن أمام هذا الواقع المغرق في قباحته أمامك خياران: أن (تطقّع) له، أو (يطقّع) لك ..
أما أنا فقد اخترت أن أخرج لك لساني هازئاً أيها الواقع الزنيم
مما لا شك فيه أن العرب اتسمت بالفصاحة والبلاغة .. وقد اختارت العرب سبع قصائد، علقت على جدار الكعبة، فيما عرف فيما بعد بالمعلقات السبع (وقيل المعلقات العشر) .. وبعيداً عن ذلك الخلاف التاريخي في كونها سبعاً أو عشراً، أبت العروبة إلا أن تثبت أنها ولادة، وأن الزمن لم يمنعها من أن تنجب من يضيفون إلى تلك المعلقات معلقة جديدة .. إنها معلقة (بوس الواوا) ..
وفي حين كانت المعلقات السبع (أو العشر) جميعها لشعراء ذكور .. فإن معلقة (بوس الواوا) تتميز بأنها معلقة (أنثوية) .. فيما ينبغي اعتباره كسراً للاحتكار الذكوري لحقل المعلقات ..
فجزى الله هيفاء وهبي خير الجزاء .. ولا غرو .. فعصرنا هو عصر تحرر المرأة من قيودها لتنطلق في أوتوستراد الإبداع في كافة حقوله ومجالاته ..
وكما كان الشاعر الجاهلي يجمع في قصيدته كل أغراض الشعر .. من غزل وفخر ومدح وهجاء، فإن معلقة بوس الواوا تتكون من أربعة محاور أساسية:
المحور الأول:
ليك الواوا بوس الواو خلى الواوا يصح
لما بست الواوا شلته صار الواوا بح
أما المحور الثاني فهو:
بقربك خبينى اغمرنى ودفينى
انا من دونك انا بردانه اح
المحور الثالث:
الليله احلى سهره عند احبابى
بدو يانى البس احلا تيابى
بلبس لعيونك يا حبيبى
كل جديد ودح
في حين تختتم هيفاء وهبي معلقتها بالمحور الرابع والأخير:
بوثق فيك وبدى تبقى حدى
انت بين الناس الاغلى عندى
و اخر همى شو ما يقولو غلط ولا صح
* * * * * * *
كمقاربة أولى لنص معلقة بوس الواوا، يمكن أن نلمس فيها أبجديات النظرية العلمية الثورية التاريخية الديالكتيكية، وأقصد أبجديات العمل الثوري في علاقة الطليعة الثورية المثقفة بجماهيرها .. فالمثقف الثوري الملتزم بالجماهير وقضاياها سيكون قادراً على التغلب على آلامه وأوجاعه بالتفاف الجماهير المحبة حوله .. فمحبة الجماهير ستنسيه كل تلك الآلام والأوجاع وكأنها لم تكن:
(ليك الواوا بوس الواو خلى الواوا يصح
لما بست الواوا شلته صار الواوا بح)
ويتأكد هذا المعنى بالمحور الثاني من المعلقة .. حينما تحتضن الجماهير المثقف الثوري الملتزم، فتحميه من أعدائها وأعدائه، وتمنحه طاقة ودفئاً وحماساً:
(بقربك خبينى اغمرنى ودفينى
انا من دونك انا بردانه اح)
ويفاجؤنا المحور الثالث من المعلقة بحقيقة مبهرة .. فالمثقف الثوري الملتزم قادر على التجديد الدائم بما يجعله المعبر دائما عن قضايا الجماهير ومصالحها، فلا يتجمد عند مقولات تثبت التجربة والمراس عدم صحتها بل ينقلب على نفسه وعليها مجدداً:
(الليله احلى سهره عند احبابى
بدو يانى البس احلا تيابى
بلبس لعيونك يا حبيبى
كل جديد ودح)
إن المثقف الثوري يثق في نقاء الجماهير وحدسها الثوري وقدرتها الدائمة على تمييز أصدقائها وأعدائها .. هذه الثقة المتبادلة تجعله يمتلك الصلابة الثورية فلا يخشى في الحق لومة لائم ولا يؤثر فيه تشكيك مشكك:
(بوثق فيك وبدى تبقى حدى
انت بين الناس الاغلى عندى
و اخر همى شو ما يقولو غلط ولا صح)
* * * * * * *
والمفاجأة المذهلة في المعلقة هي التكرار اللذيذ لهذا المقطع:
ليك الواوا بوس الواو خلى الواوا يصح
لما بست الواوا شلته صار الواوا بح
وقد اتفق جميع النقاد أن التكرار ممل مخل إلا في هذه المعلقة .. فهو يقوم بدور تأكيدي على ما يسمى (بثيمة النص الأدبي) .. وأعني بها هذه العلاقة الجدلية ما بين الألم (الواوا) ونقيضه (البوسة)!
أما الأكثر إبهاراً في المعلقة فهو مقدمتها .. عندما تردد الشاعرة كلمة (واوا) أربع مرات:
واوا
واوا
واوا
واوا
* * * * * * *
ليك الواوا
* * * * * * *
أما عن (ليك الواوا) هذه .. فحدث ولا حرج!
قال لي أبو خليل: راح أسكّر الدّكّانة.
فوجئت .. وأحزنني الخبر ..
قلت له: ليش يا زلمة؟ م هيّك قاعد بتتسلّى فيها .. مش أحسنلك من قعدة البيت؟
- والله مهي موفّية معي بالمرّة يا جار .. مش جايبة همّها .. انا قاعد بصرف عليها بدل ما هيه تصرف عليّي ..
- طب ليش؟ وين زباينك؟
ابتسم بحزن ..
- ما ظلّ زباين غيرك انت وأكمّن واحد بسّ ..
- والباقي؟
- الباقي .. الله يسهّل عليهم .. صاروا يشتروا من المولات .. والسيفوي .. والسوبرماركتات الجديدة ..
صفنت ..
يبدو أنّ عليّ أنا، أيضاً، أن أسكّر .. دكّانتي.
استدعاه مدير السجن وقال له: اسمع يا إبني. سينفذ حكم الإعدام خلال الأسبوع القادم
أجاب بكل هدوء: حقاً؟
- هناك شيء آخر .. ستبقى في زنزانتك لوحدك ولن تخرج إلى باحة السجن بعد الآن
انتفض واقفاً، وقال بغضب واهتياج: أعترض يا سيدي. ليس من حقكم أن تحرموني من الشمس والهواء!
الحركة ضرورية والتغيير ضروري .. ولكن الحركة ينبغي أن تكون إلى الأمام لا إلى الخلف. والتغيير ينبغي أن يكون إلى الأفضل لا إلى الأسوأ.
وقال لي:
خلقتُكَ لكي تَكُونَ نفسَك
فلا تكن غيرَكَ
ولا تسمحْ لغيركَ أنْ يغيرَكَ
فإنكَ إنْ فعلتَ أشركْتَ
وإنْ أشركْتَ غضبتُ
وإني أعلمُ أنكَ لي محبٌّ
فكذلكَ خلقتُكَ
- لماذا توقفت عن الكتابة في السياسة؟
- لأن .. السياسة .. أصبحت .. هههههههههههههههه
- هل أنت معارض؟
- ههههههه .. معارض؟ .. ههههههههه
- إذاً أنت من الموالاة
- موالاهاهاهاهاهاهاااااااااااااااااااااا
هز المحقق رأسه بيأس .. ووجه كلامه لزميله: اكتب يا إبني .. يخلى سبيل المتهم .. وأقفل المحضر بتاريخه وتوقيعنا
سألته: ما أخبارك مع فلانة؟
قال: إنها من أعز أصدقائي .. موجودة في قائمة Close Friends .. ولكن .. سبحان الله يا أخي! .. بمجرد دخولي إلى الانترنت يتصادف خروجها منه!
- وكيف عرفت؟
- يكون على يمين إسمها في قائمة المتواجدين كلمة Web أو Mobile
- ثم؟
- ثم تختفي لتحل محلها 1m
ابتسمت في سري ولكنني قلت:
- نعم نعم .. سبحان الله! ولكن يا صديقي .. لا ألاحظ أبداً أنها تتابع ما تكتب .. لا تعليقاً ولا إعجاباً
قال: أنا أقدر أنها مشغولة ولا ريب .. لذلك أضع في صندوق رسائلها نسخة من كل ما أكتب
قلت: جميل .. وبماذا ترد على رسائلك؟
ارتسمت على وجهه ملامح ضيق شديد .. وقال: لا ترد ..
ثم قال بعصبية واضحة: ألم أقل لك إنها ولا ريب مشغولة جداً؟ ألا تفهم؟
ابتسمت في سري مرة أخرى .. وقلت له: صحيح .. سامحني فقد نسيت
جميع الفيسبوكيين رائعون .. إنهم ليسوا أولئك الذين (يدافشوننا) في طوابير المولات والباصات وأمام صناديق الدفع في شركات المياه والكهرباء والاتصالات .. إنهم ليسوا أولئك الذين يسوقون سياراتهم بأسلوب (شارع أبوي وأنا حر فيه) .. إنهم ليسوا أولئك الذين يحولون أي مكان يذهبون إليه لتقضية ساعتين زمان في أحضان الطبيعة إلى مزبلة .. إنهم ليسوا أولئك الذين يضربونك (إسفين مرتب) عند رئيسك في العمل فيطلع الدخان من راسك بدون أن تولع سيجارة ..
يا أخي شو بدك بالحكي .. الفيسبوكيون عالم آآآآآآآآآخر تماماً
كلما مررنا بخرابيش النور .. وإذا كانت الغزالة رايقة .. أنظر في مرآة السيارة إلى بناتي الجالسات في المقعد الخلفي وأقول:
- بابا .. هدول قرايبكم
في البداية ذهلت الفتاتان ..
- عنجد عنجد هدول قرايبنا؟
- اها ..
أصمت قليلاً لمزيد من الحرقصة للفتاتين .. ثم أضيف:
- بابا .. في إشي أنا وإمكم خبيناه عنكم ..
تتطلع الفتاتان إلي بانتباه وفضول شديدين ..
- الحقيقة .. أنا وإمكم لقيناكم ورا النور .. و .. تبنيناكم .. و .. ربيناكم ..
- عنجد بابا؟ يعني إنت مش بابا؟
- اها .. حتى .. إسألوا إمكم!
- ماماااااااااااا .. عنجد إنتو لقيتونا ورا النور؟
تدخل زوجتي في الدور ..
- آه يا ماما ..
- يعني إنتي مش إمي؟ وبابا مش بابا؟
- آه ..
تنبسط هنادي ..
- ياااااااااي .. ما أحلاها أصلاً عيشة النور
أما ديانا فتنفعل .. وتدمع عيناها .. زي اللي عنجد ..
تندمج زوجتي أكثر في الدور .. وتوجه سؤالها للفتاتين:
- طيب .. افرضوا النور إجوا وقالوا بدنا بناتنا .. بتقبلوا تروحوا معهم؟
تصهلل هنادي:
- آه .. ليش لأ .. أصلاً ما في أحلى من عيشة النور
أما ديانا فتنفجر فيما يشبه البكاء
- ما بقبل .. ما بقبل ..
أتذكر .. وجه أمي الأبيض يحمر غضباً عندما كان يرتفع منسوب الشقاوة في دمي:
- والللللله لأورررررررريك .. يا نوري! بيجي أبوك وبتشوف!
نظرت في مرآة السيارة إلى الفتاتين في الكرسي الخلفي .. كانت هنادي تنظر بإعجاب إلى الخرابيش الملونة .. وديانا تمسح زجاج نظارتها من بقايا الدموع ..
النصوص الأولى للكاتب، تشبه تلك الأشياء، التي تتراكض ربة البيت وبناتها لإخفائها، كلما رن جرس الباب منذراً بقدوم الضيوف ..
كم أحب هبل تلك النصوص البسيطة والصادقة
خلع الطبيب نظارته ووضعها على مكتبه .. نظر إلي بأسى .. وقال:
- كم نصاً كتبت حتى الآن؟
- مممممم .. لا أعلم بالضبط .. ولكنها خمسمائة وبضعة وسبعون نصاً ..
- اها .. ممتاز .. لأنني مضطر لإخبارك بأنك لن تكون قادراً على كتابة نصوص جديدة ..
- ماذا؟ لن أستطيع كتابة نصوص جديدة؟
- للأسف!
- أليس هناك حل يا دكتور؟ أدوية؟ مقويات؟ فيتامينات؟ أي شيء؟
هز الدكتور رأسه ..
- إنه سن اليأس يا رجل! ألم تسمع بسن اليأس؟
- ولكن يا دكتور ..
قاطعني ..
- عليك أن تتقبل الأمر .. أنت رجل واقعي وعقلاني ومؤمن .. ألست كذلك؟
وقف ماداً يده نحوي لمصافحتي .. منهياً النقاش:
- لا تحزن .. ما كتبته حتى الآن يعتبر إنجازاً .. قليلون في عمرك من كتبوا هذا العدد من النصوص
مددت يدي لمصافحته .. ولكنها اصطدمت بالكومودينة الملاصقة للسرير .. فأفقت!
على فكرة .. القنزحة مش صعبة أبداً ..
واللهي ما بدها إشي .. وأي واحد بيقدر يتقنزح
راسمالها .. اذا حدا ابتسملك .. تعمل حالك مش شايفه
وإذا قلك مرحبا .. تعمل حالك مش سامعه
وإذا مد إيده يسلم عليك .. تعمل حالك مش منتبه
وإذا صدف واجت عينك في عينه وما في مجال لأي مما سبق .. تقوله: هاي .. عن ازنك كتير مشغول .. بنشوفك أكيد .. بااااااااااااي
شايفين قديش القنزحة سهلة؟
كان في مرة طفلة زغيرة
عم تلعب بالحارة
بتلعب معنا سبع حجار
بتسرق من اهلا دينار
بتوزع علينا قلول
بتشاركنا المنقوشة
ونعطيها سيجارة
كبرنا شوي وصرنا نحلم
انها تشاركنا الأسرار
وتحكينا أسرارا
ولما شفتا واحنا كبار
قالت كيفك يا ختيار
قلتلا يسعد هالطلة
بتضلك حلوة ومحتلة
قلبي يا أحلاها فلة
صبية وختيارة
على الطريق الصحراوي من العقبة إلى عمان عشرات الدوريات الخارجية .. توقفك الدورية فتقف .. يلقي أحدهم نظرة على من في السيارة .. ثم يقول لك: اتسهّل ..
قالت ديانا: لما أشوف الدوريات بنبسط .. بحس بالأمان ..
وافقتها هنادي .. وهزت زوجتي رأسها موافقة أيضاً ..
لمحت دورية من بعيد متوقفة على يمين الطريق .. وقد توقفت أمامها سيارتان أو ثلاث .. نظرت إلى عداد السرعة .. كلشي تمام .. الحزام في مكانه .. أوكي .. زوجتي تضع الحزام أيضاً .. رائع .. لا يوجد أي سبب لتأنيب الضمير وتوقع مخالفات من أي نوع .. أشار لي الشرطي بالتوقف .. خففت السرعة تدريجياً حسب الأصول إلى أن توقفت أمام الدورية بهدوء المواطن الصالح وابتسامته ..
أشار الشرطي للسيارات المتوقفة أمامي بالانطلاق: الله معك .. ثم توجه نحوي وهو يخاطب الضابط بصوت عال: هاي هي السيارة المعمم عليها سيدي!
- رخصك!
- مددت له يدي برخصتي ورخصة السيارة ..
- هويتك كمان!
بحثت عن الهوية وسلمتهه إياها ..
- سيد محمد؟ عليك تعميم .. مخالفة رادار، وعدم الاستجابة لإشارة الدورية بالتوقف! هاي الضابط .. إحكي معه!
حركت السيارة قليلاً متوجها إلى المكان الذي يقف فيه الضابط ..
- أولاً كل عام وإنت بخير
- وانتو بخير
- .. والحمد لله ع السلامة ..
- الله يسلمك!
- سيد محمد سيارتك عليها تعميم .. مخالفة رادار، وعدم الاستجابة لإشارة الدورية بالتوقف! وهاي مخالفتها خمسين دينار. إذا دفعتها هسه بنسمحلك تمشي عادي .. إذا ما بدك تدفعها فيها سحب رخص وحجز السيارة .. شو بتحب تدفع ولا نسحب الرخص ونحجز السيارة؟
- بدفع ..
- اوكي .. 50 دينار لو سمحت!
ناولته ورقة خمسيناية .. فطواها بين أصابعه بعناية .. ثم أمسكها بكلتا يديه ..
- سيد محمد .. إنت دفعت الخمسين دينار .. وهاي الخمسين دينار إنت دفعتها للدولة .. صحيح؟
- صحيح!
- كل عام وانت بخير ..
- وانت بخير ..
- وإحنا بنقدم الخمسين دينار عيدية منا لعائلتك .. ثلاثين دينار لزوجتك .. وللبنتين اللي ورا كل واحدة عشرة .. لمين بتحب نسلم الخمسين؟
- للماجستير
- مين الماجستير؟
- البنت الكبيرة ..
نظر الضابط إلى البنات في الكرسي الخلفي .. ابتسم وقال: لأ .. إذا استلمتهم الكبيرة بتاخذ المصاري وما بتعطي البنت الزغيرة إشي ..
وسلم الخمسيناية إلى ديانا ..
في الأثناء كان الشرطي قد أوقف خلفنا سيارة أو سيارتين ..
- توكل يا حاج .. الله معك .. توصلوا بالسلامة وكل عام وانتو بخير ..
ثم وجه كلامه إلى أحد رجال الدورية: حلّيتوهم؟ جيبوا حلّوهم
أحضر الشرطي علبة شوكولاتة .. وحلونا ..
قالت ديانا: لما أشوف الدوريات بنبسط .. بحس بالأمان ..
وافقتها هنادي .. وهزت زوجتي رأسها موافقة أيضاً ..
صارلي فترة ما شفت هنادي .. فجأة وجدتها تفتح باب غرفتي ..
- بابا .. انا زعلانة منك
- ليش؟
- صارلك فترة (مطقعلي)!
- أنا؟
- آه إنت .. مطنشني ع الفيس وع الموبايل!
طبعا أنكرت ..: يا بابا والله تعب .. وضغط عمل .. الخ
بعد أن ذهبت هنادي إلى الغرفة الأخرى لتأكل حصتها وحصة ديانا من الكوسا المحشي وورق العنب .. بحبشت في الإنبوكس تبع الفيسبوك:
رسالة في 17 سبتمبر: بابااااااااااااااااااااااااااااا
(انا مش هون)
رسالة أخرى في 27 سبتمبر: عندما اقرأ كتاباتك اشعر بالفخر .. الأمل .. والقوة ..
مساك ورد
(انا مش هون)
وفي الإنبوكس تبع الموبايل:
رسالة في 1 اكتوبر: بحبك
(انا مش هون)
آسف يا بنتي .. (شكلي) عن جد كنت مطقعلك ..
آباء آخر زمن!
بعد الإضافة تبادلا (اللايكات) .. ثم (الكومنتات) .. ثم فاجأته بقذيفة صاروخية عابرة للقارات من نوع (شير) جعلت الدنيا تلف به فأصابه الدوار ..
- نتقابل؟
- اوكي!
في المكان والزمان المحددين جلس ينتظر .. دخل (صاروخ) فدق قلبه بعنف وانشرحت أساريره .. ولكن الصاروخ استقر على طاولة أخرى .. دخل (صاروخ) ثاني .. ”واااااااااااااو“ .. ولكنه - ايضاً- استقر على طاولة أخرى في الجهة الأخرى من المكان .. بعد نصف ساعة امتلأ مدخل المكان ب (دبابة)
- ”لالالالالالالالالالالالالا“ ..
جالت الدبابة بفوهة مدفعيتها في أرجاء المكان .. ثم اتجهت نحوه .. بهدوء .. وثقة
أفقت من نومي .. ذهبت إلى الحمام .. ثم إلى المطبخ .. بدأت بإعداد كاسة ثري ان ون ..
- احنا صايمين. ما بدك تصوم؟
- لأ
- يا زلمة حرام .. هوه يوم في السنة
- لأ مش حرام .. صيام يوم الوقفة سنة مش فرض
- يا زلمة النهار قصير هسه مش زي أيام رمضان واحنا كلنا صايمين
- اللي بده يصوم يصوم .. مين مانعه؟
كنت قد أنهيت تسخين الماء وصبه في الكاسة وتحريك المحتويات
- ع فكرة انت تركيزك صفر!
نظرت إليها متسائلا .. كانت تحضر الفطور كعادتها في كل أيام العطلة .. وفي فمها علكة تطرقع .. وفي منفضة السجائر أعقاب سجائر طازجة ..