• هل عندك اعتراض؟
• وهل أجرؤ على الاعتراض يا مولاتي؟
• العفو يا سيدي .. فأنت مليكي .. وتاج على رأسي
• أنا عبد مطيع بين يديك يا مليكتي
• حسنا .. فكلانا مولى وكلانا مليك .. أنت ملكي ومملوكي وأنا مليكتك ومملوكتك .. أيرضيك هذا ..؟
• هل عندك اعتراض؟
• وهل أجرؤ على الاعتراض يا مولاتي؟
• العفو يا سيدي .. فأنت مليكي .. وتاج على رأسي
• أنا عبد مطيع بين يديك يا مليكتي
• حسنا .. فكلانا مولى وكلانا مليك .. أنت ملكي ومملوكي وأنا مليكتك ومملوكتك .. أيرضيك هذا ..؟
إليكِ يا حبيبتي ..
أوجّهُ السؤالْ!
إلى متى
أظلُّ في غياهبِ الإهمالْ؟
وما الذي جنيتُ حتى صرتُ في عينيكِ آخرَ الرجالْ؟
وكيفَ يصبحُ الحبيبُ فجأةً
بحجمِ ملقطٍ معلّقٍ على الحبالْ؟
* * * * * * *
لكلِّ رمشٍ مِنْ رموشِ قطّتي
أوجّهُ السؤالْ
ما اشتقتِ لي؟
ما هدّكِ الحنينُ للوصالْ؟
ما عادَ لي
يا صاحبي
ما كانَ لي
مِنْ طاقةِ احتمالْ
أطلتُ يا شرّيرُ وقفتي
على التي
أسميتُها أطلالْ
اللهَ ما أقساكِ يا وديعتي
وما أمرَّ دمعتي
في ليلةٍ تنوءُ باحتمالِها الجبالْ
* * * * * * *
أتمنّى أنْ أستنسخَ نفسي
عدّةَ مرّاتْ
وأوزّعَني في كلِّ الطّرقاتْ
فلعلَّ .. لعلَّ .. أقولُ لعلَّ
أحداً مِنْ نُسَخي
يتمكّنُ أنْ يصطادَكِ
يا الحوريّةُ
في بحرٍ
تملؤُهُ السّمَكاتْ
* * * * * * *
حبيبتي
أعلم أنك
مثلي
تأتين متخفية
وتقفين حيث لا أستطيع رؤيتك
مثلي
تراقبين من تلقي علي تحية الصباح والمساء
وتقرئين باهتمام كل الرسائل والتعليقات
مثلي
تراقبين كل تحركاتي
وتنهين كل ليلة هذا الصداع
بابتلاع كل ما لديك من مسكنات
ثم تنامين
أحيانا على مرارة
وأحيانا على وهم سعيد
* * * * * * *
أتحدّاكِ أنْ تُنْكِري
كلُّ لاءٍ تقولينها
نَعَمٌ .. مُحْرِقَةْ
* * * * * * *
لا مانعَ عندي
إطلاقاً
أتلصّصُ مِنْ ثقْبٍ في البابِ
إذا كانتْ في البابِ ثقوبْ
* * * * * * *
هكذا هِيَ الحياةْ
تَبْدأُ بأحلامٍ كبيرةْ
ولكنَّها تصغرُ يوماً بعدَ يومْ
إلى أنْ تنتهي بحلمٍ بسيطٍ جدّاً ..
أنْ ننامَ بلا كوابيسْ!
* * * * * * *
ورغْمَ كلِّ شيءْ ..
ما زلْتُ أحبُّكِ.
تخيّلي!
* * * * * * *
كلُّ مقاييسِ الآخرينَ للجمالِ ..
لا تهمُّني!
فــ عندي مقياسٌ واحدٌ:
أنْتِ.
* * * * * * *
صباحَ الوردْ
إلامَ الصّدْ؟
أما احْترقَتْ ..
بلا نارٍ ..
حصونُكِ بعْدْ؟
* * * * * * *
حينَ أراجِعُ نفسي
أجدُ أنَّ سببَ كلِّ خلافاتِنا
أنّكِ لَمْ تقرئي جيّداً
قصّةَ ليلى والذّئْبْ!
* * * * * * *
هلْ هُوَ مَوسمُ تبديلِ جلودِ الثّعابينْ؟
مجرّدُ سؤالٍ بريءْ!
* * * * * * *
اعتذارْ:
كلُّ الذّئابِ بريئةٌ مِمّا اتّهِمِتْ بِهْ
ذئْبُ يوسُفْ
و
ذئْبُ ليلى
أمّا الأفاعي
فمِنْ حقّها أنْ تغيّرَ جلدَها
بجلدٍ آخرَ جميلْ
* * * * * * *
طعنتُكِ لَمْ تُمِتْني بَعْدْ
أنْقذيني
أو
أجْهزي عَلَيّْ
* * * * * * *
حبيبتي (؟!)
* * * * * * *
وبعد أن بقيت صامتة ..
فها أنا ..
أكتب رسالتي الأخيرة
(أرفض أن أتحوّل لـمجرّد رقم فى حياتك .. فـحياتى لا تقبل ان تكون إحدى ترتيباتك .. بل إن أردت: أكون فى حياتك ”حياتك كٌلّها“ .. أو لا أكون)
على هامش حكايات لا تنتهي، سألتني جلنار بعض الأسئلة .. وقد وعدتها بالإجابة عليها .. وأعترف بأن تلك الأسئلة صعبة وتحتاج إلى من هو أكثر مني علما وخبرة وتجربة .. كما تحتاج إلى ما هو أكثر من حكاية واحدة من هذه الحكايات.
خلاصة تلك الأسئلة – لمن لم يطلع عليها هناك – هي:
1- لماذا لا يرتزع ذكوركم في عش واحد مع أنثى واحدة بدل النطنطة والبصبصة من شجرة إلى شجرة ومن غصن إلى غصن؟
2- هل النطنطة والبصبصة وفراغ العيون شيء وراثي في الذكور يتوارثونه جيلا بعد جيل أم هو حالات خاصة لدى البعض؟
3- ما هو دور إناثكم في الموضوع؟ مع؟ أم ضد؟ أم لا مع ولا ضد؟
أما السؤال الأول فالإجابة عليه مضحكة مبكية .. إذ أن ضيق ذات اليد تصلح أن تكون جوابا لتفسير تصرف البعض في حين أن سعة ذات اليد تصلح أن تكون جوابا لتفسير تصرف البعض الآخر ..
هذه من زاوية الإمكانيات
أما من زاوية الاقتناعات فإن ضعف الاقتناع بالحاجة إلى عش تصلح أن تكون جوابا لتفسير تصرف البعض في حين أن شدة الاقتناع بالحاجة إلى أكثر من عش تصلح أن تكون جوابا لتفسير تصرف البعض الآخر ..
حيرتكم. أليس كذلك؟ ولكن الموضوع محير فعلا .. فكما يبدو أن السبب والسبب المضاد وأن الشيء وعكسه كلاهما يؤديان إلى نفس النتيجة .. أي النطنطة والبصبصة وفراغ العين ..
أما السؤال الثاني .. وراثي أم مكتسب؟ حالة عامة أم حالات خاصة؟ فأنا شخصيا لست من أنصار القول بأن السلوك الاجتماعي للطيور أو غيرها من مخلوقات الله هو شيء وراثي ينتقل من الآباء إلى الأبناء كما ينتقل لون العيون أو الريش أو شكل المناقير والأعراف والمخالب .. بدليل أن طيور الغابات الأخرى التي عاشت وتعيش ظروفا أخرى مختلفة يختلف سلوك ذكورهم عن سلوك ذكورنا سواء في موضوع النطنطة والبصبصة أو غيره من المواضيع ..
أما السؤال الثالث فجوابه كالأول مضحك مبكي
فأما من شافت وفهمت ورفضت فأعلن احترامي التام لها
وأما من شافت وفهمت واضطرت للموافقة والسكوت فمعذورة لاضطرارها
وأما من شافت وما فهمت أو ما شافت وما فهمت وانطلت عليها الحيلة فمعذورة بجهلها وضعف بوصلتها فلها الله وتعاطف المتعاطفين أمثالي
وأما من شافت وفهمت وانبسطت وشجعت فلي منها موقف لا يختلف عن موقفي ممن مارس فعل النطنطة والبصبصة مع سعة ذات اليد .. سواء توفر الاقتناع بالعش أو تعدد الأعشاش أم لم يتوفر
نعناعة زعلانة مني .. ونعناعة نادرا ما تزعل .. ولكن نعناعة عندما تزعل تظل نعناعة .. يعني: تزعل زعلا هادئا وجميلا وعقلانيا ..
أما سبب زعلها فما ذكرته في الادراجين السابقين من هذه الحكايات من أنها تعمل بنشاط دءوب وهادئ على بناء أسوار وجدران وحيطان تفصلها عما حولها ومن حولها ..
وأما وجه اعتراضها فنقطتان: أولهما أن تلك الأسوار ليست بيني وبينها وإنما بينها وبين الآخرين من طيور غابتنا. وثانيهما أن تلك الأسوار ليست مرتفعة جدا .. فهي لم تصل إلى ضخامة سور الصين كما تقول ..
قلت لها: أما التذرع بأن تلك الأسوار ليست بيني وبينك وإنما بينك وبين غيري من طيور الغابة فأمر لا أوافق عليه ولا أقبله .. إذ أن موافقتي على هذه الصفقة تعني أنني نذل وأناني ولا أظنني كذلك .. فأنا أرفضها جميعها وإن لم تكن بيني وبينك ..
وأما أن تلك الأسوار ليست مرتفعة كثيرا، فالأسوار يا عزيزتي أسوار مهما كانت سماكتها أو ارتفاعها .. وهي جميعها بشعة وكريهة وبغيضة ومرفوضة وفاشلة وكئيبة. يستوي في ذلك ما تم بناؤه لأسباب أيديولوجية كجدار برلين .. وما بني لأسباب طائفية كالتي بنيت وتبنى في العراق لتقطع أوصال المدن المختلطة طائفيا هناك .. وما بني لأسباب عنصرية كجدران الفصل العنصري في فلسطين .. وما كان أسوارا اعتبارية كتلك التي قسمت لسنين وسنين بيروت إلى بيروتين شرقية وغربية ..
كل تلك الأسوار .. الحقيقية والاعتبارية .. كلها على الإطلاق كانت بشعة وكريهة وبغيضة ومرفوضة وفاشلة وكئيبة. وكلها إما أنها هدمت أو أنها في طريقها إلى الهدم يوما ما ..
فهل بعد ذلك لا زلت تريدين بناء تلك الأسوار؟
لا أدري عنكم. ولكن عن نفسي ..فأعترف أنه لم يكن عيدا سعيدا
كم كانت كئيبة هذه الشجرة في العيد .. وكم كانت موحشة .. وكم كانت حزينة ..
كم أتيت وانتظرت رغم إصابتي بالأنفلونزا .. فما وجدت سوى البرد والعتمة والرياح الباردة والمطر ..
* * * * * * *
المفاجأة الوحيدة الجميلة أن سعاد حضرت مرة في غيابي .. نعم .. نعم .. سعاد .. وأكيد أنكم قد استغربتم كما استغربت. وقد قالت أنها لا تزال مشغولة في التحضير للكتكوت. وأنها ستطير قريبا إلى عشها في الغابة البعيدة .. وأنها لم تنس وعدها في أن تلوح لي بمنديلها الأحمر من وراء شباك عشها الجديد
* * * * * * *
نعناعة ما زالت – وإن أنكرت – مشغولة في بناء أسوار وجدران تفصلها عما حولها وعمن حولها.
* * * * * * *
أمينة فاجأتني أنها وللمرة الأولى لم تقم بتحضير المعمول. وفاجأتني أنها غاضبة من شيء ما لم تصرح عنه .. وكالعادة لا تظهر إلا فجأة ولثوان معدودات. لتسلم ثم تختفي ..
* * * * * * *
أما المليونير فلا يزال مشغولا بملايينه. وعموما فلم أعد أراه على شجرتنا إذ أن الله قد فتح عليه من واسع ورزقه بشجرة أخرى
* * * * * * *
ودودة سمعت أنها مريضة مثلي .. وقد اختفت ولم تختف .. لم أعد أراها وإن كنت لا أزال أحس بحضورها الطاغي
* * * * * * *
ولا زالت أم مالك حزينة كعادتها في كل عيد .. وقد علمت أيضا أنها مريضة.
* * * * * * *
جلنار مريضة مثلي بالأنفلونزا. لم أنس يا جلنار وعدي لك وأعرف أنك لا تزالين تنتظرين أجوبتي على أسئلتك.
نعناعة
بدأت استعداداتها للعيد بنشاط دءوب هادئ في بناء أسوار وجدران تفصلها عما حولها وعمن حولها. لكنها لم تنس أن تعطيني محاضرة عن الأكل السليم في العيد السعيد بما لا يتنافى مع تعليمات الطبيب
* * * * * * *
أمينة
بدأت تحضيراتها للعيد مبكرا. مشغولة في تحضير المعمول لأن ذلك يفرح سي السيد والعيال ياسين وفهمي وكمال وخديجة وعايشة. تظهر فجأة بدون موعد ولثوان معدودات. أنا طالعة بس حبيت أسلم. ثم تختفي
* * * * * * *
المليونير
أتمنى له المزيد من الملايين. وعقبال تصير ملياردير يا رب. الله كريم. مش هيك؟
في المقابل أتمنى له أن يكون الله في عونه. فقد سمعت أن الثعلب ينشط بشكل مش طبيعي في محاولاته للإيقاع بأم مالك
* * * * * * *
ودودة
مزيد من الطيبة. ومزيد من التأهيل والتسهيل والترحيب. مع تمنياتها للجميع بعيد سعيد. مما سيزيد الجميع إحساسا خاطئا أن ثمة وراء هذا الدفق العاطفي عاطفة ما .. له شخصيا .. خص نص.
هل هي سعيدة؟ يا رب تكون كذلك
* * * * * * *
سعاد
تواصل اختفاءها. سمعت أنها تنتظر كتكوتا. وتحلم.
يبدو أنها نسيت وعدها أن تلوح لي بمنديل أحمر من وراء شباك عشها الجديد
* * * * * * *
أم مالك
حزينة كعادتها في كل عيد. فالعيد مجرد مناسبة لتذكر المواجع. تكره العيد لأنها ستضطر لأن تعايد على من لا يستحق بما لا تحس. وتكره العيد لأنه لها مثله لي مجرد كابوس مالي. وتكره العيد لأنه يبعد من هم مثلي عنها فترة أطول من الوقت
* * * * * * *
جلنار
لم نلتق منذ أوصلت لي رسالة جميلة. لا أدري شيئا عن مخططاتها للعيد. أعتقد أنها لا تزال تنتظر أجوبتي على أسئلتها. وأعتقد أنني سأفي لها بوعدي الجديد كما وفيت لها بوعدي القديم
ذكية .. لماحة .. لبيبة
رأيتها تتهامس مع صديقة لي على غصن قريب وكانتا تنظران إلي.
وفي اليوم التالي فوجئت بها أمامي وعيناها في عيني مباشرة .. وقالت لي: لك معي رسالة .. أمانة.
سألتها: ممن؟ أجابتني: من جميلة.
وجميلة هي حرباء أراها على شجرتنا أحيانا أو قريبا منها .. وكانت تحب أن تسمع كلامي ..
والحرباء هي دويبة على شكل سام أبرص ذات قوائم أربع .. دقيقة الرأس .. مخططة الظهر .. تستقبل الشمس نهارها وتدور معها كيف دارت .. وتتلون ألوانا. ويضرب بها المثل في الحزم والتلون. فيقال: أحزم من حرباء. ويقال: تلون تلون الحرباء. ويقال: أصرد من عين الحرباء، لمن اشتدت إصابته بالبرد.
سألت جلنار: وما هي رسالتها؟ قالت: إن جميلة غاضبة منك لأنك وصفت تلون ذكور طيور شجرتنا بتلون الحرباء. وتعتبر ذلك إهانة للحرابي. قلت: وكيف ذلك وأنا لم أذكر اسم الحرباء لا من قريب ولا من بعيد؟ فقالت: ألم تقل في الفاصل غير الإعلاني الأخير إن الواحد من ذكور طيور شجرتنا ينتقل من شجرة إلى شجرة .. ومن غصن إلى غصن .. ليتصيد الإناث واحدة بعد أخرى ويتفنن في ابتكار الأساليب ..
فمن كانت متدينة فرش أمامها سجادة الصلاة وصلى
ومن كانت متحررة منطلقة تحرر أمامها وانطلق
ومن كانت متدفقة العاطفة جاراها في نظم القصائد
ومن كانت ذات ميول للمنطق والعقل ارتدى أمامها ملابس أفلاطون وأرسطو
قلت: نعم لقد قلت ذلك. ولكن أين ذكر الحرباء في ذلك كله؟ قالت: إن جميلة تقول إنك صحيح لم تذكرها صراحة ولكنك ذكرتها تلميحا. وذلك من جبنك. فإن قيل لك لم ذكرتها بسوء أمكنك القول إنك لم تجب سيرتها. وإن قيل لك لم لم تذكرها بسوء أمكنك القول بأنك لمحت والتلميح أفصح من التصريح.
ولما لاحظت جلنار سكوتي قالت: كما أن جميلة تقول لك يا فصيح إن هنالك فرقا جوهريا بين تلونكم وتلون الحرابي. قلت: وما هو؟ قالت:
الحرباء تتلون بما يناسب بيئتها، لكن الفرق بينها وبين ”ذكور طيور غابتك“، أنها تغير لونها كوسيلة للبقاء، بينما هم يتلونون للإيقاع بفريستهم!
فالحرابي تتلون لتحمي نفسها من أعدائها. أما حضراتكم فتتلونون ليسهل عليكم الانقضاض على ضحاياكم. فمن منكم أسمى خلقا؟
وعدت جلنار أن أستجمع جرأتي وشجاعتي وأن أكتب ذلك. قالت لي وهي تبتسم ابتسامة حيرتني: سنرى.
وطارت بعيدا.
وهاأنذا أحاول أن أفي بوعدي لجلنار.
وأرجو أن أكون قد فعلت.
وأن لا أكون قد تأخرت.
ومن العقد النفسية لدينا نحن ذكور طيور غابتنا .. اعتقادنا بأن الأنثى كائن ناقص وضعيف .. يسهل اقتناصه .. وأكل حقوقه .. واحتقاره .. واستغلال طيبته .. واستثمار عواطفه وأحاسيسه ومشاعره والتلاعب بها ..
ولا أدري كيف نحكم .. ولا بأي ميزان نزن .. ولا بأي مكيال نكيل .. ولا بأي مسطرة نقيس
وواحدنا ينسى أو يتناسى أنه ما كان ليكون ما هو عليه لولا أن أنثى ما .. ضحت بنفسها أو بمالها أو بعمرها أو براحتها ليكون ما كان
فكم من أب لم يجد من يعينه في كبره وضعفه غير ابنته
وكم من أخ لم يجد من يأخذ بيده ليكون نفسه غير أخته
وكم من إبن أهمله أبوه فلم يجد من ينشئه ويربيه غير أمه
وكم من حبيب لم يجد من يسنده ويسانده غير حبيبته
ومع ذلك فقد كثر فينا الجحود وإنكار الفضل والمعروف
فمعظمنا لا يرى ولا يحب من الأنثى إلا ما ارتبط مباشرة بشهواته وغرائزه
فينتقل من شجرة إلى شجرة .. ومن غصن إلى غصن .. ليتصيد الإناث واحدة بعد أخرى ويتفنن في ابتكار الأساليب ..
فمن كانت متدينة فرش أمامها سجادة الصلاة وصلى
ومن كانت متحررة منطلقة تحرر أمامها وانطلق
ومن كانت متدفقة العاطفة جاراها في نظم القصائد
ومن كانت ذات ميول للمنطق والعقل ارتدى أمامها ملابس أفلاطون وأرسطو
فالحاجة أم الاختراع
والتمكنن حتى التمكن فلسفة العصر وحكمته
روحه روح ثعلب ويفوق الحمائم في هدوئها وتهذيبها وأدبها .. ويسمي نفسه أسد الكواسر
طار في شبابه إلى غابة بعيدة جدا .. وعاد إلينا ومعه حمامة بيضاء .. أكرر: حمامة بيضاء .. جدا! ومعهما حمامتان صغيرتان
ومنذ أن بدأ يتردد على شجرتنا اتخذ لنفسه مكانا قريبا جدا من المليونير .. فتعرف فيمن تعرف على أم مالك ولما كان الطبع يغلب التطبع فقد بدأت تحركه غريزته للإيقاع بها
* * * * * * *
رأيتك فأعجبتني .. أريدك على سنة الله ورسوله .. لقد تحولت حياتي إلى جحيم ولن تستطيعين أن تتخيلين مقدار تعاستي .. قتلتني الوحدة وبرد الفراش ..
* * * * * * *
وصل هذا الكلام إلى المليونير فاستفسر منه عما ينويه فأخبره أن ظروفا استجدت وأنه سيصرف النظر عن موضوع أم مالك .. ولكنه استمر في محاولاته لإقناع أم مالك بأن الصبر مفتاح الفرج .. وإلى أن يأتي الفرج لا مانع ولا ضرر من جلسات الغزل ومطارحات الغرام ..