2009/04/02

12- جلنار

ذكية .. لماحة .. لبيبة

رأيتها تتهامس مع صديقة لي على غصن قريب وكانتا تنظران إلي.

وفي اليوم التالي فوجئت بها أمامي وعيناها في عيني مباشرة .. وقالت لي: لك معي رسالة .. أمانة.

سألتها: ممن؟ أجابتني: من جميلة.

وجميلة هي حرباء أراها على شجرتنا أحيانا أو قريبا منها .. وكانت تحب أن تسمع كلامي ..

والحرباء هي دويبة على شكل سام أبرص ذات قوائم أربع .. دقيقة الرأس .. مخططة الظهر .. تستقبل الشمس نهارها وتدور معها كيف دارت .. وتتلون ألوانا. ويضرب بها المثل في الحزم والتلون. فيقال: أحزم من حرباء. ويقال: تلون تلون الحرباء. ويقال: أصرد من عين الحرباء، لمن اشتدت إصابته بالبرد.

سألت جلنار: وما هي رسالتها؟ قالت: إن جميلة غاضبة منك لأنك وصفت تلون ذكور طيور شجرتنا بتلون الحرباء. وتعتبر ذلك إهانة للحرابي. قلت: وكيف ذلك وأنا لم أذكر اسم الحرباء لا من قريب ولا من بعيد؟ فقالت: ألم تقل في الفاصل غير الإعلاني الأخير إن الواحد من ذكور طيور شجرتنا ينتقل من شجرة إلى شجرة .. ومن غصن إلى غصن .. ليتصيد الإناث واحدة بعد أخرى ويتفنن في ابتكار الأساليب ..

فمن كانت متدينة فرش أمامها سجادة الصلاة وصلى

ومن كانت متحررة منطلقة تحرر أمامها وانطلق

ومن كانت متدفقة العاطفة جاراها في نظم القصائد

ومن كانت ذات ميول للمنطق والعقل ارتدى أمامها ملابس أفلاطون وأرسطو

قلت: نعم لقد قلت ذلك. ولكن أين ذكر الحرباء في ذلك كله؟ قالت: إن جميلة تقول إنك صحيح لم تذكرها صراحة ولكنك ذكرتها تلميحا. وذلك من جبنك. فإن قيل لك لم ذكرتها بسوء أمكنك القول إنك لم تجب سيرتها. وإن قيل لك لم لم تذكرها بسوء أمكنك القول بأنك لمحت والتلميح أفصح من التصريح.

ولما لاحظت جلنار سكوتي قالت: كما أن جميلة تقول لك يا فصيح إن هنالك فرقا جوهريا بين تلونكم وتلون الحرابي. قلت: وما هو؟ قالت:

الحرباء تتلون بما يناسب بيئتها، لكن الفرق بينها وبين ”ذكور طيور غابتك“، أنها تغير لونها كوسيلة للبقاء، بينما هم يتلونون للإيقاع بفريستهم!

فالحرابي تتلون لتحمي نفسها من أعدائها. أما حضراتكم فتتلونون ليسهل عليكم الانقضاض على ضحاياكم. فمن منكم أسمى خلقا؟

وعدت جلنار أن أستجمع جرأتي وشجاعتي وأن أكتب ذلك. قالت لي وهي تبتسم ابتسامة حيرتني: سنرى.

وطارت بعيدا.

وهاأنذا أحاول أن أفي بوعدي لجلنار.

وأرجو أن أكون قد فعلت.

وأن لا أكون قد تأخرت.