.. وبعد أن كسرت سيفي، وخلعت من قدمي بسطاري ولبست خفي، لقناعتي بأن حملهما قلة عقل، ودلالة لا تقبل الدحض على السفاهة والجهل، والتحقت بأم العيال، لأظفر منها بالخلفة وبعض الدلال، اندمجت في قوانين السوق وتخلقت بأخلاقه، حتى صرت ممن يشار إليهم بالبنان من أركانه وطراقه. وبعد أن كنت مضرب المثل في المعارضة، صرت لا أجارى في الموالاة والقدرة على المفاوضة. فاطمأنوا لي وصنعوا لي كرسيا وأجلسوني عليه، وتفننت من ساعتها في إخضاع من تجرؤوا عليهم وعليه.
ولكن الزمان لا يؤتمن، ومن كانوا مثال الخنوع خرج من أصلابهم صبيان قلبوا لي ظهر المجن. وامتلأت الساحات والشوارع، بأناس جاؤوا من الجامعات والمزارع والمصانع، وكلهم يطالبني بالرحيل، فهل ينفع التسويف والتأجيل؟