2014/07/12

أنا .. والمقاومة

المكان: الموصل - شارع الدواسة

الزمان: ظهيرة أحد أيام صيف 1981 .. في (عز دين الشوب) .. وفي (عز دين) الحرب العراقية الإيرانية .. حينما كان الجندي العراقي (العائد من الجبهة في إجازة ليومين أو ثلاثة)، يعتبر نفسه كالعائد مؤقتاً من الموت إلى الحياة، فيعب من متعها ما استطاع لأنه لا يضمن عودته إليها ثانية ..

في ظهيرة ذلك اليوم، كنت، وخطيبتي، وأختها، وصديقات أختها القادمات من بغداد، خارجين من أحد مطاعم شارع الدواسة، متجهين إلى مقر الاتحاد، لنحتمي به قليلاً من القيظ. لم يكن بيننا وبين بوابة ذلك المقر سوى خطوات قليلة عندما رأيت شخصاً، بالزي العسكري، يمد يده متحرشاً بواحدة من الصبايا اللواتي كن برفقتي .. فلمسها في منطقة حساسة من جسدها .. لم أتمالك نفسي، فوجهت له لكمة .. لكمة واحدة .. لكمة يتيمة .. وفي أقل من لمح البصر كان هنالك العشرات ممن تطوعوا لنصرة (الشرف العسكري العراقي) الذي (يعتدي عليه أعداء العراق) .. فوجدت نفسي مستهدفاً بعشرات اللكمات والشتائم والمسبات .. لم يكن في وسعي، وأنا ممدد على الرصيف، سوى أن أرد على الشتائم بأقذع منها .. شتائم لم تقتصر على اولئك المتكالبين علي، بل امتدت لتطال كافة (الرفاق) المتسلسلين هرمياً من الأرض السابعة إلى السماء السابعة، أو ما دونها بقليل ..

وبعد كل هذه السنوات .. أتساءل: هل كان ممكناً مثلاً، لكي أكون (واقعياً)، و (عقلانياً)، و (حكيماً)، أن أغض الطرف عن يد ذلك العسكري، فأتركه (يحسس) ما شاء له (التحسيس)، على أجساد الصبايا؟ أو أن أطالبه أن (يحسس) بطريقة (حضارية) (مثلاُ)؟ برقة؟ بنعومة؟ برومنسية؟

أتذكر ذلك، وأنا أرى حمم القنابل والصواريخ التي تنهال على غزة، فترد عليها المقاومة بصواريخ (خجولة)، لا تسبب للعدو سوى القليل من (الانزعاج) ..

لا ألوم نفسي .. ولا ألوم المقاومة .. فكلانا قام بما يمليه عليه واجبه .. بغض النظر عن النتائج الكارثية التي أصابتني أو أصابت غزة ..