قلت لرئيسي في العمل:
- ساعة زمان وبتكون الدراسة والتوصيات جاهزة ع مكتبك
وضعت سماعة الهاتف مكانها فرنّ .. نظرت إلى ساعة الكمبيوتر .. كانت العاشرة والنصف .. موعد ذهابي الى الكافتيريا! .. ولكن .. ما هذا؟ ألم أذهب إلى الكافتيريا قبل ساعة ونصف؟
بعد نصف ساعة تقريباً نظرت إلى الملف الذي كنت أقوم بإعداده على الكمبيوتر .. أين ذهبت التوصيات التي أعددتها؟ نظرت إلى ساعة الكمبيوتر فصعقت .. إنها العاشرة صباحاً .. وبعد ساعتين من العمل المتواصل اختفى الملف تماماً .. ورأيت نفسي واحداً من مئات الموظفين الذين يتركون مكاتبهم عائدين إلى وسائط المواصلات التي قدموا فيها إلى مقر العمل .. كنا نسير إلى الخلف .. اكتمل ركاب الباص فسار بنا إلى الخلف .. عندما وصلت المكان الذي أصعد فيه إلى الباص نزلت .. التفت إلى ساعة الموبايل: السابعة والنصف صباحاً .. دخلت بيتي .. استبدلت ملابس العمل ولبست البيجاما .. تثاءبت ورحت في نوم عميق ..
بمرور الأيام صرت أكثر شباباً .. وبعد أن كان شعري قد ابيض ثلاثة أرباعه صار يسود تدريجياً .. ثم ظهرت هنا وهناك شعيرات بيضاء .. صرت استخدم ملقط الشعر الذي تستخدمه زوجتي لتزبيط حواجبها في نتفها .. ولكنني بعد مدة لم أعد بحاجة إلى ذلك فقد اختفت الشعيرات البيضاء تماماً ..
السيارة التي اشتريناها قبل سبع سنوات عادت جديدة .. ثم اختفت .. ولم تكن هي وحدها التي اختفت .. فقد عادت إلى الظهور في الطرقات والشوارع عربات الكارو التي تجرها الأحصنة فيما يجلس الحوذي في مكانه خلف الحصان يطرقع بسوطه ويغني لأسمهان وعبد الوهاب وعبده الحامولي ..
خرجت من غرفة الصف الأول كما دخلت إليه: من تحت ساقي الأستاذ أبو الأزور .. أمسكني أبي من يدي وعاد بي إلى البيت .. استقبلتني أمي على الباب فرحة بابنها الذي سيذهب إلى المدرسة ليصبح (دكتور قد الدنيا) .. كنت متعباً فنمت .. وبعد ان استيقظت وجدتني على حجر أمي والداية تقول لأبي: الصلاتو على محماااااااد .. شوف ما أشلبو وما أزهاه! خلص سميه محمد .. محمد زاهي ..
عدت إلى بطن أمي .. وكانت أمي تلعب في حوش دار سيدي عندما رآها أبي وقال لسيدي: يابا .. هدى قبال هدى ..
اختفى يوسف العزيز .. بحثوا عنه كثيراً فوجدوه في السجن يشرح لصاحبيه حلميهما .. بعدها بسنوات كان يمر على صويحبات المرأة التي تحبه: يعطي كل واحدة منهن سكيناً فتنظر إليه مصعوقة بجماله .. بعدها بسنوات خرج من الجب راكضاً نحو أمه التي احتضنته وغمرته بقبلاتها ..
كان قابيل يبكي على قبر أخيه نادماً على قتله .. لم يكن وحده من يبكي .. فعلى مقربة منه كان الغراب نادماً أيضاً على قتل صاحبه .. حفر الغراب كومة التراب التي أهالها على صاحبه .. رآه صاحبه فابتسم .. وتعانقا .. ثم حلقا معاً بعيداً .. ابتسم قابيل ولم يضع وقتاً .. وبعد دقائق كان يعانق أخاه .. أمسك بيده وانطلقا إلى البيت ..
استيقظ آدم من نومه .. هل كان كل ذلك حلماً؟ هل كان هابيل وقابيل حلماً؟ تفقد أضلاع صدره: زوج .. زوجان .. ثلاثة أزواج .. إثنا عشر .. إنها كاملة .. أربعة وعشرون ضلعاً كاملة! إذاً من هي حواء؟ وأين هي؟ أين أنت يا حلمي الجميل؟