2014/09/27

سيدة الصد

هيَ سيّدةٌ تتفنّنُ في ألوانِ الصدْ

إنْ يدنو منها عاشقُها تمعنُ في البعدْ

العاشقُ حرٌّ ويداهُ لا تهوى القيدْ

هلْ أنتِ إلهٌ سيّدتي؟ أمْ هوَ لكِ عبدْ؟

2014/09/26

جدران وقلوب

على جانبي الطريق الصحراوي، اللاهث من العقبة جنوباً إلى عمان شمالاً، تترامى - هنا وهناك - أنقاض بيوت قديمة من الطوب، غرفة غالباً .. أو غرفتان أحياناً، أرضياتها من تراب، لا سقوف لمعظمها، بلا أبواب ولا شبابيك، مجرد جدران أربعة، تدير ظهرها للطريق، ويلوذ بها عابرو السبيل ..

على بقايا جدرانها قد ترى قلوب حب، رسمتها - بحجر من حجارة الصحراء - أيدٍ مراهقة، تخترقها سهام، وعلى جانبي كل سهم منها كتب - بخط رديء - اسمان: أحدهما لفتاة، والآخر لشاب .. تلك القلوب والسهام والأسماء - ربما - هي كل ما تبقى من قصة حب، عاشها - أو توهمها - شاب أو فتاة، مر - أو مرت - من ذلك المكان، قصة حب ربما نسيها أبطالها، ولم تعد تتذكرها سوى جدران آيلة إلى السقوط ..

اكتبوا حكاياتكم على أي جدار تصادفونه .. فسوف تتذكرها تلك الجدران حتى عندما تنسونها أنتم .. أو ينساكم أحباؤكم.

2014/09/20

على القبضة

بعناد عجيب أتعمد أن ألبس قميصي بطريقة تخفي الحزام .. وأرفض أن أصلي جماعة مع زملاء العمل لأن ذلك يعني أن أضطر لخلع الحذاء .. وأصر على أن لا يكتب لي الطبيب أية حقن وأن يستبدلها بالأقراص أو الكبسولات ..

وفي كل صباح، في تلك الدقائق العشرين التي أنجز فيها كل الفعاليات الصباحية (من ذهاب إلى الحمام، وتمشيط الكشة، وتبديل الملابس، ومحاولة احتساء ما تيسر من كاس النسكافيه، الخ .. الخ .. الخ) .. أتخذ قراراً تاريخياً .: (على القبضة) سأشتري زوجاً جديداُ من الجوارب بدلاً من هذه الكرات المهترئة والممتلئة بالثقوب .. وطقماً من الغيارات الداخلية بدلاً من هذه الأسمال البالية .. وحزاماً جديداً بدلاً من هذا الحزام الذي تزداد فيه التشققات كل يوم ..

هل قلت (على القبضة)؟ .. نعم .. أحاول أن أقنع نفسي بذلك .. وبأنني (فقط) قد نسيت!

2014/09/18

نافذة وستائر

وأخيراً وضع اللمسات الأخيرة .. ألقى نظرة متباهية على ما صنعته يداه .. ”كم أنت رائعة .. إنك في غاية الجمال يا حبيبتي“ .. احتضنها .. وضع شفتها السفلى بين شفتيه وأغمض عينيه .. ”لا تذهبي إلى أي مكان .. دقائق قليلة .. أغتسل وأعود إليك!“ .. واتجه إلى الحمام.

لم يكن التمثال الأول الذي يصنعه، ولكنه كان مختلفاً تماماً عن كل التماثيل الأخرى التي صنعها .. وضع فيها كل خبرته .. وكل مشاعره .. لقد بقي لشهور لا يغادر غرفتها إلا ليعود إليها أكثر شوقاً .. يحدثها .. يقص عليها حكايات طفولته ومراهقته وشبابه .. يبتسم .. ويضحك .. ويبكي .. ويناقشها .. ”ما رأيك بهذه التسريحة لشعرك؟ أليست جميلة؟“ .. ”هذا الفستان سيكون أجمل .. سيخفي عن أعين الناس كنوزك .. كنوزي .. هكذا أفضل .. لا ينبغي أن يراها كل عابر طريق“ .. ”لا تخافي .. إخفاؤها سيجعلها أكثر حضوراً .. سيحسون بها ولكنني لن أدعهم يرونها .. صدقيني إنهم لا يستحقونها .. ثم إنهم سينظرون إليها قليلاً ثم يذهبون لتخيلها في أجساد نسائهم .. أنا فقط من سيبقى يؤنس عتمة لياليك“.

عندما عاد إلى غرفتها لم يجدها .. كانت النافذة مفتوحة .. والستائر تتراقص في الظلام.

* * * * * * *

لماذا احتضنتني وقبلتني؟ ألم تدرك أن تلك القبلة حولتني من صخرة صماء إلى امرأة؟ امرأة حقيقية تحس كما تحس كل النساء؟ وتتمنى كما تتمنى كل النساء؟ عندما وضعت شفتي السفلى بين شفتيك وأغمضت عينيك لم أستطع إلا أن أغمض عينيّ. لم أستطع إلا أن أستحيل فراشة تبحث عن لهب سراج .. فحملتني أول نسمة هبت عليّ في غيابك ..فعدت ولم تجدني .. تركت لك نافذة مفتوحة .. وستائر تتراقص في الظلام ..

* * * * * * *

بحث عنها في كل مكان .. على مقاعد الحدائق العامة .. في نوافذ الحافلات .. بين النساء الخارجات من المساجد بعد صلوات التراويح .. في الطاولات المنزوية في زوايا الملاهي الغارقة في رائحة الخمور والإنارة الخافتة .. في ملامح قمر ظهر لدقائق معدودات بين سحابتين تعدو إحداهما وراء الأخرى ..

خرج ولم يعد .. وبقيت النافذة مفتوحة .. والستائر تتراقص في الظلام.

* * * * * * *

كلا سيّدي .. لم نجد معه أية أوراق تدل على هويته. نعم سيّدي .. نشرنا صورته في الجرائد لمدة ثلاثة أيام ولم يتعرف عليه أحد. حاضر سيّدي .. تمام سيّدي. علم سيّدي ..

وبقيت النافذة مفتوحة .. والستائر تتراقص في الظلام.

2014/09/12

نصف تفاحة

خرج جميع الحضور من القاعة ما عداها .. تلكأت .. وتقدمت منه باستحياء .. كان يلملم أوراقه المتناثرة على المنضدة ..

- كلماتك جميلة، أستاذ!

نظر إليها .. ”طفلة في عمر ابنتي .. أو لعلها أكبر قليلاً“

- شكراً يا بنتي ..

اغرورقت عيناها ..

- الله! من زمان ما سمعت هالكلمة، أستاذ

رق لها قلبه ..

- تسمحلي أرافقك لسيارتك؟

ضحك .. وأشار بيده إلى حذائه:

- هاي سيارتي

ابتسمت ..

- وين ساكن، أستاذ؟

- في (..)

- ممتاز .. في طريقي .. تسمحلي أوصلك؟

سار معها إلى المكان الذي ركنت فيه سيارتها .. أخذت مكانها في مقعد القيادة وفتحت له باب السيارة ..

* * * * * * *

- هون لو سمحتي .. شكراً يا بنتي!

أوقفت السيارة أمام مدخل العمارة .. مد يده إليها مصافحاً .. استبقت كفه في كفها ورفعت إليه عينين تترقرق فيهما دمعتان ..

- تسمحلي أقولك بابا؟

اجتاحته موجة حنان، فقال:

- بكل سرور

* * * * * * *

كان يتهيأ للنوم عندما رن هاتفه ..

- أزعجتك؟

- لا بالعكس ..

- كويس .. ما كانش ممكن أنام قبل ما أسمع صوتك ..

تحدثت طويلاً .. تحدثت بعفوية وتلقائية كأنما تعرفه منذ كانت في المهد .. تحدثت كثيراً وبكت كثيراً وضحكت كثيراً .. وعندما أحست بالجوع اصطحبته معها إلى المطبخ مواصلة الحديث عن لا شيء وعن كل شيء .. انقطعت المكالمة فجأة فأحس بالقلق .. فكر أن يتصل بها ليسألها عن السبب إلا أنه عدل عن ذلك في اللحظة الأخيرة .. غلبه النعاس فنام

* * * * * * *

أخرجت من حقيبتها تفاحة وسكيناً .. قسمت التفاحة إلى نصفين وقدمت له واحداً .. مد يده ليأخذه ولكنها هزت رأسها:

- هئه

قربت نصف التفاحة من شفتيه وكأنها تأمره فامتثل .. قضم منه قضمة واحدة .. قضمت من النصف الآخر قضمة صغيرة وناولته إياه .. أخذت مغمضة العينين تتهجى بشفتيها حروف فمه التي انطبعت على النصف الذي أكل منه ..

* * * * * * *

استيقظ على رنين هاتفه .. كانت الشمس تتوسط إطار النافذة ..

- صباحووو يا أحلى أب في العالم!

إذاً فقد كان مشهد التفاحة حلما؟ .. أحس بخجل شديد وشكر الله أنها لا تستطيع من مكانها رؤية ملامحه في تلك اللحظات ..

- قلقت عليكي يا بنتي لما انقطع الخط وكنت بدي أرن عليكي .. خير شو صار؟

ضحكت ببراءة ..

- خلص الرصيد

* * * * * * *

تكررت اللقاءات والمهاتفات .. أخذته بسيارتها إلى أماكن كان يسمع بها ولم يرها قط .. وعندما يخلو المكان إلا منهما كانت تغني وترقص وتضحك ..

* * * * * * *

خلعت حذاءها ..

- بابا!

- عيون بابا!

- تسابق؟

- يللا!

ولكنها سبقته ..

ارتمى لاهثاً على الأرض تحت شجرة صفصاف باسقة وأسند ظهره إلى جذعها .. فارتمت إلى جانبه متضاحكة ..

- يا عجووووووز!

أسندت رأسها على صدره فاحتضنها .. وبحنان بالغ سوى خصلات شعرها المتناثرة فلثمت راحته ..

* * * * * * *

- بابا!

- عيوني

- سأتزوج

حدد بالضبط ماهية مشاعرك!

- مبروك يا بنتي!

حدقت في عينيه الغائمتين .. احتضنته وطبعت قبلة على خده ..

- ما أجملك وما أجمل قلبك .. أيها العجوز!

ثم قالت بعد صمت:

- راح تيجي تحضر العرس .. بخنقك لو ما جيت!

* * * * * * *

كانت عيناها تجوبان صالة الأفراح بحثاً عنه .. استبد بها القلق .. من الزاوية البعيدة أشار إليها بيده فتهلل وجهها فرحا .. همست في أذن العريس فهز رأسه موافقاً .. تقدما نحوه ..

- بابا .. عريسي جمال

تصافحا ..

- تشرفنا!

- مبروك يا إبني .. مبروك يا بنتي

أخذته من يده .. أجلسته على طاولة قريبة من اللوج ..

* * * * * * *

عزفت الفرقة موسيقى هادئة .. همست في أذن عريسها مرة أخرى فهز رأسه موافقاً .. تقدمت منه مادة يدها ..

- قوم!

- وين؟

- ح ترقص معي

- لأ

جذبته من يده فكان لا بد أن يمتثل .. تمايلا على أنغام الموسيقى الهادئة .. احتفظ بجسده بعيداً بعض الشيء لئلا تسمع دقات قلبه المتصاعدة .. ولكنها التصقت به وألقت برأسها على صدره هامسة:

- مش ح تبعد عني شو ما صار .. ما رح أسمح لك!

* * * * * * *

أخرجت من حقيبتها تفاحة وسكيناً .. قسمت التفاحة إلى نصفين وقدمت له واحداً .. مد يده ليأخذه ولكنها هزت رأسها:

- هئه

قربت نصف التفاحة من شفتيه وكأنها تأمره فامتثل .. قضم منه قضمة واحدة .. قضمت من النصف الآخر قضمة صغيرة وناولته إياه .. أخذت مغمضة العينين تتهجى بشفتيها حروف فمه التي انطبعت على النصف الذي أكل منه ..

2014/09/08

مسمار بولاد

صحيح أنني مسمار .. ولكنني لست مجرد مسمار .. رغم أنني في نظركم مجرد مسمار بولاد .. تم خلعه من مكانه على الحائط .. وملئ الثقب الذي كان يشغله بالمعجون .. تمهيداً لإعادة طلاء سقف البيت وحوائطه بالأملشن .. في إطار ورشة تجديد شاملة لديكورات البيت وأثاثه ..

قبل ثلاثين سنة دقني سيدي رحمه الله في هذا المكان .. وفي هذا المكان أصر سيدي على بقائي .. كان يحبني .. فقد كنت المسمار الوحيد الذي استطاع أن يخترق صلابة الجدار وأن يبقى صامداً طيلة تلك السنوات .. وأن يحمل بحب وحنان حطته وعقاله وعباءته وما هو أكثر من ذلك .. وكنت أحبه .. فأستلم منه ما يعلقه علي بلهفة وحنان .. وأحتفظ به كما تحتفظ سيدتي بالرسالة الوحيدة التي أرسلها ابنها الذي غاب عنها لسنوات ..

في هذا المكان ظللت طيلة تلك السنوات .. أستمعت سعيداً لهمسات سيدي وسيدتي الملونة .. وشاركتهما سعادتهما بقدوم هند ومهند وفاطمة ودعاء .. وشاركتهما حزنهما ودموعهما كلما كان مهند يعود قبيل الفجر فيقابل اسئلتهم القلقة بالصراخ والشتائم .. وشاركتهما فرحتهما بزفاف هند وفاطمة .. وذرفت معهما الدموع برحيل دعاء المفاجئ والتي انقطعت برحيلها الضحكات المشاغبة والابتسامات الحانية ..

لم أكن مجرد مسمار تم خلعه من مكانه .. ولم أكن الوحيد الذي تم خلعه .. فبالأمس .. حمل مهند سيدتي إلى دار المسنين .. وحمل معها عكازها .. وصرة صغيرة وضعتني فيها مع أشياءها الحميمة .. وحطة سيدي وعقاله وعباءته

2014/09/06

عقوبة

عايش ليهم واحد واحد؟

زيّ الشّمعة تدوب لياليك؟

زيّ الماسورة والميّه

بترويهم بسّ بتهريك؟

ولمّا تصدّي بعد سنينك

بيتطلّع فيك وبيرميك؟

وبتزعل لمّا يبكّيك

اللّي مفروض يهنّيك؟

وبعد ما تدّيله اللّي ف نفسه

بيتمقطع وبيجحر فيك؟

هيّه عقوبة ربّك يمكن

عمّاله بينضّف فيك

2014/09/05

درس ديني

كنت أجر قدمي جراً، عائداً إلى البيت، بعد يوم عمل شاق .. وقفت على رأس ممر المشاة أتهيأ لعبور الشارع عندما انشقت الأرض فجأة عن أربعة رجال بلحى طويلة وشوارب محفوفة، يرتدون دشاديش بيضاء قصيرة وأغطية رأس ستايل أفغاني ..

- السلام عليكم ..

- وعليكم السلام!

مد أحدهم لي يده مصافحاً فمددت يدي، فالثاني، فالثالث، فالرابع .. لا بد أن الرابع أكبرهم لأن الشيب في لحيته كان أكثر منه في لحى رفاقه رغم أنه قد صبغه بلون بين الأصفر والأحمر .. لم يفلت بعد المصافحة يدي بل احتفظ بها بين يديه ..

- أخي الكريم .. ندعوك - بارك الله فيك - لحضور درس ديني في المسجد بعد صلاة العصر

نظرت مرة أخرى في وجوههم ..

- درس ديني؟ لمين؟

- إخوة في الله

- طب عن شو؟ قصدي شو موضوع الدرس؟

- يذكر بعضنا بعضاً بما فيه خير الإسلام والمسلمين إن شاء الله

- آآآه .. يا ريت والله بس أنا ..

قاطعني أصغرهم سناً:

- إنت مش فلان؟

- آه أنا .. مين حضرتك؟

- يا زلمة معقول صرت ناسيني؟

دققت في ملامح الرجل .. أعرفه ولا أعرفه ..

- يا زلمة أنا فلان!

آه .. تذكرت .. كان زميلي .. لم نكن في نفس الصف .. كان أكبر مني .. وسمعت أنه كان ممن ذهبوا لل(جهاد) في أفغانستان ..

وجه كلامه لكبيرهم: شيخنا هاظ فلان .. كان زميلي بالمدرسة .. ابوه فلان الفلاني بتتذكره؟

جمدت ملامح الرجل .. كان من الواضح أنه يعرف أبي، رحمه الله، وكان من الواضح أنهما لم يكونا على علاقة طيبة جداً .. ولكنه ابتسم وهز يدي .. وقال كما لو أنني بعير أضاعه ثم وجده بعد يأس وعناء:

- بالله؟ ما شاء الله ما شاء الله. وين بتشتغل؟

- في بنك

أجفل وترك يدي تفلت من يديه كما لو كانت رأس أفعى .. ولكنه استمر:

- ما شاء الله ما شاء الله

كان يقولها بنبرة لها معنى واحد: ”أعوذ بالله من الشيطان الرجيم“ .. أكد هذا المعنى عندما قال وهو يهز رأسه:

- بس أبوك كان راجل فاضل .. سبحان الله!

ثم أضاف:

- طالما أبوك فلان معناتو أكيد لازم نشوفك اليوم في الدرس بعد الصلاة!

- يا ريت .. بس عندي مشوار ضروري اليوم .. خليها فرصة ثانية

لم يكن عندي مشوار .. لا ضروري ولا مش ضروري .. ويبدو أنه أحس أنني أكذب ..

في تلك اللحظة، مر بالجوار رجل آخر .. فتعربشوه وتركوني ..

قبل أذان المغرب بنصف ساعة رن جرس الباب .. فتحته .. كان هناك أربعة رجال بلحى طويلة وشوارب محفوفة، يرتدون دشاديش بيضاء قصيرة وأغطية رأس ستايل أفغاني ..

- أخي الكريم .. ندعوك - بارك الله فيك - لحضور درس ديني في المسجد بعد صلاة المغرب!

2014/09/03

وين يا مسهّل؟

تصحو من النوم .. تحس بالرغبة في العودة إلى النوم .. ولكنك تقاوم ذلك الإحساس (لأن عليك أن تسعى في مناكبها لتأكل من رزقه) .. تفتح عيناً واحدة نصف فتحة .. تحرك الماوس (لترفرش) شاشة اللابتوب لتعرف كم الساعة الآن .. ولكنك لا تستطيع تمييز الأرقام الصغيرة .. تمد يدك اليمنى لتبحث عن نظاراتك على راسية التخت و (الكومودينة) .. تجدها بعد تخبيطات خفيفة على راسية التخت .. تلبس نظاراتك وتوسع فتحة عينك قليلاً .. اللعنة! السابعة إلا عشرة دقائق! معك ربع ساعة فقط لكي تذهب إلى الحمام وتحلق وتعمل كاسة 3 في 1 وتشربها وتبدل ملابسك وتمشط (الكشة) وتبحث عن النظارات وباجة الدوام والمحفظة والموبايل والمفاتيح وباكيت الدخان والولاعة وتضع كل ذلك في جيوبك وتركض إلى حيث يجب أن تكون واقفاً عندما يمر الباص الذي سيأخذك إلى العمل!

في الساعة السابعة وسبع دقائق بالضبط كنت جاهزاً .. ومشيت (كجلمود صخر حطه السيل من علٍ) إلى باب الشقة .. حيث تقابلت مع زوجتي وهي تخرج من باب المطبخ

- وين يا مسهّل؟!

- ع الشغل. متأخر. ليش ما صحيتيني؟

أطلقت زوجتي ضحكة عالية .. وقفت و (بنجت) .. نظرت إليها بعينين تملأهما الدهشة والتساؤل.

- طيب روح جيب خبز قبل ما يأذن المغرب عشان نفطر!

- يأذن المغرب؟ نفطر؟

أطلقت زوجتي ضحكة ثانية .. فصحصحت!