2014/01/13

عازفة الليل

وكنت ذات مساء على غصني المعهود فوق الشّجرة، أراقب بقيّة الطّيور. كان بعضها يتناجى، وكان بعضها يضحك، وبعضها يتضاحك. وكان بعضها يبكي وبعضها يتباكى، وكان بعضها يغرّد بما استطاع من تجميل صوت ليلفت إليه الانتباه. وكنت وحدي .. عندما فاجأني صوت جميل لم أسمع مثله من قبل .. كانت تعزف لحنا بديعا عن طير على وشك أن ينقر بيضته ليخرج إلى الحياة. سمعت صوتها ولم أرها ..

هتفتُ بأعلى صوتي طرباً: الله!

نظرت إلى جهة الصّوت .. لم أر أحداً ..

- تغريدكَ جميل .. منذ مدّة طويلة وأنا أتابعكَ. ولكنّكَ صَمَتَّ فجأة وأرى على وجهك حزناً شديداً .. لِمَ لَمْ تعد تغرّد؟

صوتها جميل، ولمست فيه صدقاً وحناناً أسراني

- سأكون بخير فلا تقلقي ..

- بل سأقلق ..

- تقلقين لأجلي؟ أنا؟ لماذا؟

لم تجبني ولكنّها ضحكتْ ..

- من أنتِ؟

- ستعرف فيما بعد أيّها الوسيم ..

ثم بعد صمت:

- هل تمانع إن اعتبرتكَ صديقي؟

- لا أمانع .. ولكنْ من أنتِ؟

- لا تتعجّل ما هو لكَ. ستعلم في الوقت المناسب

- على الأقلّ .. دعيني أرى وجهكِ

- لا

- هل سأصادق شبحاً؟

ضحكَتْ ..

- لستُ شبحاً .. هل تتكلّم الأشباح؟

- طيّب .. صفي لي نفسكِ لكي أكوّن لكِ صورة في خيالي عندما أتحدّث إليكِ

- أنا. مممممم. طيّب: أنا سمينةجدّاً .. قصيرة جدّاً .. سمراء جدّاً .. وريشي مثل (سلكة الجلي). هل تعرف (سلكة الجلي)؟

ضحكتُ

- لا بد أنّكِ تمزحين

- بل أتكلّم بكلّ جديّة .. هل يناسبك ذلك أم أرحل؟

- بل يناسبني فلا ترحلي.