2011/11/30

2011/11/23

الشر المطلق

أكثر ما يخيفني في هذا الغياب ..

هو أنه يحولك ..

من كائن عادي ..

يتساوى فيه الخير والشر ..

إلى كائن أسطوري ..

مجبول من الشر المطلق

جفاف

لم تستغربين؟

عندما يبتعد سحابك عني بعيدا ..

ماذا تتوقعين ..

سوى القحط والجفاف؟

2011/11/15

جاذبية وانفلات

لو فرضنا ..

أن أحد الأقمار ..

انفلت من جاذبية كوكبه ..

فهل سيكون سعيدا؟

مجرد بالون

في البداية كان انتفاخا بسيطا .. نصحه بعض أصدقائه بالذهاب إلى الطبيب ولكنه رفض .. في اليوم الثاني والثالث ازداد الانتفاخ وأصبح ملاحظا من كل من يراه .. كان سعيدا بذلك .. وكان يتهادى في مشيته كجمل .. بعد مدة بسيطة لم يعد قادرا على الدخول من الأبواب إلا بصعوبة فائقة .. ولكنه أصبح أكثر سعادة وهو يرى الآخرين ذوي الأحجام العادية يتحاشون طريقه .. وذات يوم كان قد بلغ من الانتفاخ درجة لم يعد فيها قادرا على استخدام كل ما هو عادي من بيوت ومكاتب وسيارات وجسور وأنفاق .. صارت حركته شبه معدومة .. صار أكثر خشونة وفظاظة وغلظة ولكن الآخرين صاروا أقل خوفا منه ورهبة ..

وأخيرا انتقل الخوف من صدورهم إلى صدره .. لقد أدركوا أخيرا أنه مجرد بالون منفوخ بالهواء

2011/11/07

لقد أدمن الانتظار

قالت: سأعود ..

انتظرها طويلا ولم تعد ..

أوشك زيت القنديل على النفاد ..

والباب الذي تركه مواربا (لعلها تعود) لم يدخل منه إلا الهواء البارد

نهض من فراشه .. أوصد الباب بإحكام .. أطفأ القنديل .. تحسس طريقه إلى الفراش ..

ولكنه لم يستطع النوم

لقد أدمن الانتظار!

2011/11/01

وأجهشت بالبكاء

هذا الصباح لم يكن واقفا في مكانه المعتاد ..

لم يسمعها عبارات الغزل الماجنة ..

لم ينظر إليها تلك النظرات الوقحة ..

لم ينفخ من فمه دخان سيجارته باتجاهها ..

هذا الصباح كان محبطا ومخيبا وتافها.

عادت أدراجها إلى المنزل

ارتمت على سريرها ..

غطت رأسها

وأجهشت بالبكاء

2011/10/27

استقالة

سد رجل الأمن بقامته الطويلة ومنكبيه العريضتين باب المكتب قائلا: أنا آسف يا سيدي .. لا أستطيع أن أسمح لك بالدخول .. فقد ”قبلوا استقالتك“!

2011/10/19

تلصص

توقفت عن استراق النظر من ثقب الباب بعد أن وضعا خلفه خزانة الملابس .. ولكنني اكتشفت أنني أستطيع أن أستمع من الثقب ذاته إلى همساتهما الملونة

2011/10/17

تواصل

”أحبك“ ..

قالها لها بكل اللغات ..

إلا اللغة الوحيدة التي يمكن أن تفهمها ..

لغة الإشارة

2011/10/14

الوداع الأخير

كان ينتظرني بالساعات (على رأس الناصية القريبة من بوابة مدرستي) .. تلتقي أعيننا في شبه نظرة .. يتضرج خداي وأسبل رموش جفوني .. ويسير خلفي وعيناه لا تفارقان قدي الرشيق ..

تذكرت كل ذلك .. وأنا ألهث وراءه محاولة – بلحمي وشحمي وأوجاع مفاصلي – اللحاق به في طريقنا إلى مثواه الأخير

2011/10/07

2011/10/06

نعمل لأجلكم .. ونأسف لإزعاجكم

كانت الأصوات المتصاعدة من أقبية المبنى الأزرق لا تتوقف ليلا ولا نهارا ..

وعلى مدخل المبنى الرهيب كانت ثمة شاخصة كتب عليها: ”نعمل لأجلكم .. ونأسف لإزعاجكم“

2011/10/05

ساعات بلا عقارب

لسبب ما تعطلت كل الساعات في البيت .. وفيما استغرقت أنا في الإنترنت وعوالمه المترامية .. استغرقت زوجتي في مسلسلاتها التلفزيونية المتتالية ..

التقينا صدفة في الردهة .. كنت عائدا من الحمام إلى غرفتي .. وكانت هي ذاهبة من غرفتها إلى المطبخ .. التقت عيوننا لأجزاء من الثانية وافترقت .. ولكنها ما لبثت أن نظرت إلى وما لبثت أن نظرت إليها وكلانا في غاية الذهول ..

عدت مسرعا إلى غرفتي .. أغلقت الباب .. وقفت أمام المرآة .. وتسمرت.

وأمامي تماما .. حيث كان يفترض أن أرى صورتي في المرآة .. وقف رجل آخر بصلعة وفم بلا أسنان وعينين غائرتين ولحية غير حليقة يملؤها الشيب ..

ولم أكن قد استفقت من ذهولي بعد عندما ترامت إلى سمعي من الغرفة الأخرى صرخات امرأة مذعورة.

2011/09/30

حلم

كنت في انتظارك عندما ..

- اتبعني!

تبعتها إلى طريق تحفه الأشجار .. خال تماما إلا منها ومني ..

- أما زلت تنتظرها؟

- بلى

- اقترب!

اقتربت

- أتحس بدفء جسدي؟

- أجل

- هو لك .. تحرر منها وكن ملكي وملاكي!

وضعت على رأسي تاجا من الياسمين .. فانتشيت ..

ولكنني مع كل هبة عطر كنت أحس أكثر فأكثر بآلام القيود في يدي وقدمي

2011/09/26

أنا وصديقي وسور مدرسة البنات

لكل البدايات لذة خاصة

وللسيجارة الأولى متعة لا تضاهى

جزء من تلك المتعة أنها ”مسروقة“ (أي المتعة وليست السيجارة)

أذكر أن أول علبة سجائر اشتريتها كانت بالاشتراك مع صديق طفولة وهو جاري في البيت والمدرسة

وكنا نخبئ العلبة في (سنسلة) مدرسة البنات

والسنسلة هي سور مبني من الحجر بلا اسمنت

والحجر يكون بأشكال وأحجام مختلفة وغير منتظمة

مما يجعل بين الحجر والحجر فراغات صالحة لتخبئة علبة السجائر فيها

كنا أنا وصديقي نمر في رحلة الذهاب للمدرسة على العلبة: أنا سيجارة وهو سيجارة

ونمر في رجلة العودة للبيت على العلبة: أنا سيجارة وهو سيجارة

وكانت تلك السجائر ألذ السجائر التي دخنتها في حياتي

عيد ميلاد

بالحيادية نفسها التي قرأت بها المذيعة موجز أخبار العاشرة صباحا بدأت بقراءة الوفيات .. قرأت الأسماء إسما إسما .. كان عدد المتوفين أكبر من أي يوم آخر .. وكان واضحا أنها قرأت الأسماء الأخيرة بكل الملل .. وكل التعب .. وكل الرغبة الجامحة في الانتهاء ..

وبمجرد الانتهاء من الاسم الأخير طارت إلى كافتيريا الإذاعة .. وهناك، على طاولة منعزلة في أحد الأركان، أمسك شاب وسيم وأنيق بكفها .. طبع عليه قبلة .. وأغلق أصابعها على سلسلة مفاتيح قائلا: مفاتيح سيارتك يا حبيبتي .. هدية عيد ميلادك السعيد

2011/09/24

تركيب

كانت عيناها نصف مغمضتين .. ومن بين رموشها لملمت من الجسد الماثل أمامها كل تفاصيل رجولته الصاخبة .. ركبتها على وجه حبيب غائب .. أغمضت عينيها تماما وألقت برأسها إلى الوراء

2011/09/19

خطيئة .. واعتذار

قبل عدة آلاف من السنين أدارت إيفا ظهرها لآدم .. وطلبت منه بغنج أن يقفل لها السوستة ..

وبكل براءة الخناشير ودفاشتهم مسك آدم طرف السوستة .. فـ ..

- أييييييييييييييييييييي ..

والتفتت إيفا بنصف جسدها إلى آدم .. فرأى دموعا تلتمع على خدين كتفاحتين .. وشفتين ترتعشان.

ومن يومها .. وهو يحاول الاعتذار

2011/09/16

درس

إن وجدت من يحبني وأحبه، لن أحكي أبدا لصديقاتي عنه .. لقد تعلمت درسا

مدير

بطرف عينه لمحها وهو يمر من غرفة الانتظار متوجها إلى مكتبه ..

- ”زبونة؟“ سأل السكرتيرة بعد أن استدعاها إلى مكتبه ..

- ”لا. باحثة عن عمل“.

- ”عينيها فورا! نحن بحاجة إلى مؤهلاتها!“

2011/09/14

اشتباه

في البداية أثارت ملامحه العربية انتباه رجال الشرطة السرية المنبثين في قاعة الانتظار .. ومع تكرر ذهابه إلى التواليت ازداد الاستنفار الأمني .. وما إن مد يده ليتحسس شيئا ما تحت صدر جاكيتته حتى اخترقت رصاصة رأسه فسقط مضرجا بدمه ..

عندما سكنت جثته اقترب أحدهم وفتشه ..

وجد في جيبه صورة امرأة شقراء عارية

الممثل

دخل غرفة تبديل الملابس ببدلة فخمة .. وخرج منها ببدلة أكثر فخامة ..

لم ير أحد ملابسه الداخلية المهترئة والممتلئة بالثقوب

2011/08/20

امرأة فوق الغيوم

”هل سبق أن قمت بجولة فوق الغيوم على بساط الريح؟“

”لا“

”تعالي إذا“

وركبنا فوق بساط الريح .. أخذتنا الرياح فوق الغيوم .. كانت الغيوم تحتنا كجبال من الثلج ..

كانت سعيدة ..

وكان الهواء يلعب بشعرها فيداعب خدي فأنتشي وتنتشي ..

وفجأة .. اكفهر وجهها ..

”أنزلني“

”كما تريدين .. ولكن ألست سعيدة؟“

”قلت لك أنزلني!“

أنزلتها

”فلتنس ما كان .. وإلى الأبد“

2011/08/18

من عبقريتي

لا أذكر كم كان عمري في ذلك الوقت .. ولكنني اقتنعت حينها أنني إذا أحببت بنتا يتكون اسمها من أربعة حروف فينبغي أن لا آكل في الوجبة الواحدة أكثر من أربع لقمات .. وأن لا أتحدث في اليوم الواحد أكثر من أربع كلمات .. وأن لا أشرب من الماء أكثر من أربع مرات في اليوم ..

وقد كان ذلك سبب عزوفي عن الوقوع في علاقة (حب) مع إحدى صويحبات أختي .. فقد كان اسمها (أمل) .. وهذا كان يعني أن علي أن أكتفي بثلاث لقمات .. وثلاث كلمات .. وثلاث جرعات من الماء!

ولما كانت الحاجة أم الاختراع .. فقد هدتني (عبقريتي) إلى أن (أستطول) اسم الفتاة .. أي أن أنتقيها من ذوات الأسماء الطويلة .. فست لقمات تشبع أكثر من خمس .. وست جرعات من الماء تروي أكثر من خمس .. وست كلمات في اليوم تفضفض عن الصدر ما لا تفضفض عنه خمس ..

كبرنا .. وذات جلسة تذكر .. تذكرت أختي ما كنت أفعله وتجهل سببه .. فسألتني .. وعندما أجبتها ضحكت حتى دمعت عيناها .. وقالت لي ..

”منيح اللي اسم حبيبتك ما كان مي“

2011/08/11

عاشقة

لليوم الثاني على التوالي .. ولا تزال واقفة في نفس المكان .. بإخلاص عاشقة تقف أمامي .. دون أن تحرك سوى جزأها العلوي فقط ..

لم تشك .. لم تبك .. لم يبد عليها أي علامة من علامات التعب أو الملل أو الندم ..

نظرت إليها .. ”أتعبتك يا صديقتي“ .. قلت

لم تنبس ببنت شفة

”هل أنت بخير؟“

لم تجب

اقتربت منها .. وضعت كفي على رأسها .. ”يا إلهي .. كم حرارتك مرتفعة. استريحي الآن .. يكفيك ما فعلتيه من أجلي كل هذا الوقت“. قلت لها ..

ونزعت فيشها من إبريز الكهرباء ..

2011/08/03

2011/07/31

الهبل العربي المستفحل

حاولت كثيرا ولكنني لم أجد تفسيرا لهذا الغباء ..

فرغم تكرار سقوط الضحايا .. إلا أن الإصرار مستمر ومتصاعد على إطلاق الرصاص في كل المناسبات ..

ظهرت نتائج التوجيهي؟ إطلاق رصاص .. وسقوط ضحايا

بدأ رمضان؟ إطلاق رصاص .. وسقوط ضحايا

ثبت العيد؟ إطلاق رصاص .. وسقوط ضحايا

تزوج حبيب أمه؟ إطلاق رصاص .. وسقوط ضحايا

أجاهم ولد؟ إطلاق رصاص .. وسقوط ضحايا

اتطهر الولد؟ إطلاق رصاص .. وسقوط ضحايا

أقسم بالله إنو إشي مخزي

بنطلق الرصاص في كل المناسبات .. إلا في المناسبة الوحيدة اللي المفروض نطلق فيها رصاص عن جد .. دفاعا عن حرية الأوطان .. وكرامة المواطن

شي غاااااااااااااد

2011/07/28

المخدوع

في جيب بنطاله وجدوا الرسالة التالية: ”من لا يرى الشمس من الغربال أعمى .. وعندما تتجاهل عيناها عينيك وتتوارى وراء كتفيه عنك فتلك رسالة لك أنك لو كنت تمتلك لنفسك ذرة من احترام لابتعدت .. ولو كنت تمتلك ذرة من شجاعة الرجال لانتحرت“

استنساخ متبادل

استنسخ نفسه عدة مرات ليبحث عنها .. ووضع في كل مكان نسخة منه ..

ومع ذلك فقد باءت كل جهوده بالفشل ..

فقد كانت هي أيضا .. قد استنسخت نفسها عدة نسخ .. لتهرب منه

2011/07/26

ما كان يحدث ونحن صغار في جمهورية واق الواق

ذات طفولة .. أو ذات شقاوة بطعم الطفولة .. كنت أنا أحمل بيد علبة دهان أحمر وباليد الأخرى فرشاة وأخربش اسمي على جدران بيوت الحارة بيتا بيتا .. وكان جلال يحمل بيد علبه دهان أزرق وبيده الأخرى فرشاة ويخربش فوق خربشاتي اسمه الطويل ..

وبعد أن يأخذ مني ومنه التعب مأخذه .. كانت سوسن تأتي وهي تحجل وتدندن .. وتخربش اسمها باللون الأخضر ضاحكة فوق اسمينا .. وكنا نلوذ بالصمت لأسباب متعددة ..

ولكن سوسن لم تكن لتفرح كثيرا بانفجاري وجلال من الغيظ .. فسرعان ما كان دورها في الانفجار غيظا يأتي عندما يأتي رداد (كالقضاء المستعجل) مختالا بمرافقيه من الشبيحة مفتولي العضلات .. فيخط اسمه باللون الزهري فوق أسمائنا جميعا .. وينظر إلينا بصمت .. ثم يلتفت إلى مرافقيه قائلا: أنا رايح أنام .. وخليني أشوف مين أخو أخته اللي بيسترجي يكتب إسمه فوق اسمي .. سامعين يااااااااااااااا؟

وكنا ننظر إلى بعضنا في صمت حزين .. أو حزن صامت .. ثم نذهب كما قالت أم كلثوم .. كالأحباب كل في طريق.

2011/07/24

رمادي

- هل تحبينني؟

- أنا لا أكرهك.

- سألتك عن الحب لا عن الكراهية!

- أجبتك عما أنا متأكدة منه.

2011/07/13

لماذا أكره الصيف وموزمبيق

كم واحدا منكم مثلي يكره الصيف؟

وكم واحدا منكم مثلي يكره موزمبيق؟

أما كرهي للصيف فأسبابه عديدة

منها موجات الحر الشديد التي تجعلنا خليجيين دون نفط

وموجات الغلاء الشديد التي ستأتي هذا الصيف فتجعل رمضان منزوع الدسم والخشوع وتجعل العيد مناسبة للجلطات في القلوب والأدمغة والجيوب

وأما كرهي لموزمبيق .. فلأن بعض الموزمبيقيين المقيمين الذين خصص لهم الموزمبيقيون المواطنون هامش الهامش يأتون إلينا في الصيف ليقلبوا شفاههم ازدراء واحتقارا واشمئزازا منا ومن مدارسنا وشوارعنا ومستشفياتنا .. لأن مدارسهم وشوارعهم ومستشفياتهم فوق فوق فوق أما مدارسنا وشوارعنا ومستشفياتنا فهي مدارس من القلة .. وشوارع من القلة .. ومستشفيات من القلة ..

اللهم إني لا أسألك رد الصيف وبلاويه .. ولكني أسألك اللطف فيه.

2011/07/05

مناكير

دخلت إلى الصيدلية لشراء شريحتين من البنادول .. استقبلتني الصيدلانية بابتسامة ترحيب .. فجأة ازداد عرض الابتسامة وطولها على وجه الفتاة وكان واضحا أنها تقاوم قهقهة ..

- بدك إشي تاني عمو؟

اللعنة .. شو هاي ال(عمو) ع هالمسا؟

- لأ شكرا عمو

حاسبت الفتاة وخرجت حاملا البنادول في كيس ورق صغير عليه اسم الصيدلية وشعارها .. لا يزال معي وقت طويل حتى يحين وقت النوم .. لم لا أذهب إلى الحلاق؟ فرصة .. فأنا لم أحلق شعري منذ مدة طويلة ومعي وقت فراغ وهذه فرصة لتمضيته في شيء مفيد ..

دخلت إلى صالون الحلاقة .. استقبلني الحلاق باحترام وحرارة .. فأنا زبون دائم وأكرمه دائما في الأجرة ..

جلست أنتظر دوري .. أنا رجل محترم في المنطقة والناس يشيرون إلي بالبنان .. وضعت ساقا على ساق وأخذت راحتي في التنظير .. لم أترك سؤالا وجه إلي إلا واستفضت في جوابه .. وكنت كما ذكرت واضعا ساقا على ساق وأهز قدمي بثقة!

ولكن .. اللعنة .. ما هذه الابتسامات التي تلتمع في عيون محدثي؟ ولماذا تلك الضحكات المكتومة؟ ليست أول مرة أذهب فيها إلى الحلاق لابسا التريننك سوت (بدلة الرياضة) .. معقول أن سبب تلك الابتسامات الغريبة الشبشب الذي ألبسه في قدمي؟ تساءلت والتفت إلى قدمي التي كنت لا أزال أهزها بثقة منقطعة النظير وأنا منهمك في التنظير .. وتجمدت عيناي من الذهول!

سارعت بوضع قدمي على الأرض .. ووضعت قدمي الأخرى عليها .. وبقيت هكذا صامتا حتى أنهى الحلاق عمله وعدت راكضا نحو البيت ..

ما إن وقعت عيناي على ابنتي حتى انفجرت في غضب مصطنع: كل الحق عليكي يا عبقرية .. ما خطر في بالك – قبل ما أنزل من البيت – تنبهيني اشيل المناكير اللي حطيتيه على أظافر رجلي؟

2011/07/02

المبتدأ بلا خبر

كنت على غصني بين المنام واليقظة عندما ..

- صاحي؟

لم أجب ولكنني ابتسمت

- هل أيقظتك؟ آسفة على الإزعاج .. عد إلى نومك!

- لحظة واحدة لأشعل النور

- لا .. أرجوك .. عد إلى نومك

- ششششش .. اهدئي فقد انتظرتك قرونا

* * * * * * *

كان همسا كالزقزقة ..

أو زقزقة كالهمس ..

ولكنها عادت إلى الاختفاء.

- أما زلت تحبها؟

- هي حبيبتي وستبقى

سواء ..

عادت ..

أم ..

لم ..

تعد

- وهل تظن أنها ستعود؟

- ستعود

لم أرها .. ولكنني رأيت ابتسامة ودمعتين

2011/01/24

المتشابهان

نزع خاتمها من إصبعه ووضعه بهدوء على سطح الطاولة الفاصلة بينهما

نزعت خاتمه من إصبعها ووضعته بهدوء على سطح الطاولة الفاصلة بينهما

قام عن كرسيه، استدار، ومشى صامتا إلى البوابة الشمالية للمقهى

قامت عن كرسيها، استدارت، ومشت صامتة إلى البوابة الجنوبية للمقهى

لم يلتفت أبدا إلى الوراء

ولم تلتفت أبدا إلى الوراء

كم كانا متشابهين!

2011/01/20

حب من نوع خاص

- أنت أكثر وسامة وجاذبية من أن تكون حقيقيا

- ولكنني هنا، من أجلك، يا صغيرتي

سمعت صوت خطوات أمي قادمة من المطبخ ..

فتراجع حبيبي، الشاعر الجاهلي، إلى الوراء .. واختفى، بسرعة، بين سطور القصيدة

2011/01/19

بيت له أبواب

كل ما كانت تريده .. بيت .. له أبواب .. تستطيع أن تفتحها متى تشاء .. وتغلقها متى تشاء ..

شهادة

لم تكن تلميذة متفوقة .. ولكنها لم تكن أيضا من الكسولات ..

لم تكن دريسة .. كانت تكتفي بالإنصات إلى المعلمة وهي تشرح الدرس .. وكان ذلك وحده كافيا لتجتاز كل امتحاناتها بنجاح ..

قال لها: تكملين تعليمك عندما نتزوج ..

تزوجت ولكنها لا تزال كل عام تدفن جزءا من الحلم القديم

فرحة

لم تكن يوما أكثر سعادة مما هي في الأيام القليلة الماضية .. فمنذ أن أسرت له أن الدورة لم تأت في موعدها المتوقع تغير فيه كل شيء .. وها هو يحتضن كفها بكفه وهما جالسان في عيادة طبيبها الذي كان مستغرقا في قراءة التحاليل ..

رفع الطبيب عينيه عن الأوراق وهز رأسه ..

خرجا من العيادة .. كانت تلهث محاولة اللحاق به .. أما هو فكان يستعرض في خياله صور الفتيات اللواتي رشحتهن والدته ليختار من بينهن واحدة لتكون أم العيال.

2011/01/12

مطر على صفيح بارد

أيقظتها أصوات الرياح وهطول المطر المتساقط بغزارة على سقف وجدران البراكية المصنوعة من ألواح الزينكو. ورغم الظلام استطاعت إلقاء نظرة على أشباح أطفالها الثلاثة النائمين ببراءة على يسارها. أحكمت الأغطية فوقهم لتمنع تسرب الهواء البارد إلى أجسادهم الغضة. إلتمعت عيناها فخاطبتهم في سرها وهي تبتسم: في مثل هذا الوقت من العام القادم يجب أن يكون عددكم قد ازداد واحدا.

والتصقت أكثر بالنائم على يمينها متعمدة إلقاء المزيد من الحطب على النار الهادئة.

2011/01/09

بسسسسسسست

صعدت روحي إلى بارئها في الساعة الثانية والدقيقة الثانية والعشرين من صباح الخميس الموافق الثاني والعشرين من شهر شباط .. اتصل المستشفى برقم الهاتف المسجل لديهم في بطاقتي .. حضرت زوجتي وابني وابنتاي .. رفعوا عن وجهي الغطاء وسمعت صوت بكاء .. ثم زوجتي تجري بعض المكالمات الهاتفية .. بعد قليل حضر إخوتي وسمعتهم يتفقون على إبقائي في ثلاجة المستشفى على أن يعودوا صباح الجمعة لأخذ جثماني .. وإلى أن يحين صباح الجمعة سيقومون بإبلاغ الأقارب والأنسباء والأصهار وزملاء العمل ونشر النعي في الجريدة ونشرة أخبار الساعة العاشرة صباحا وترتيبات الصلاة علي والجنازة والدفن وأخذ العزاء ..

نقلوني في صمت إلى ثلاجات الموتى في طابق التسوية ب2 .. كان المكان باردا ومظلما وشديد الهدوء .. فيما عدا ذلك كان مريحا جدا ..

فتحوا باب الثلاجة في الساعة التاسعة من صباح الجمعة .. نقلوني إلى غرفة غسل الموتى حيث قام سائق عربة نقل الموتى نفسه بتغسيلي وتكفيني وملء ثقوبي بالقطن .. ثم انطلقت بي العربة بمعية ابني وإخوتي وأزواج أخواتي إلى مسجد الحي الذي كنت أسكن فيه ..

تساءل الشيخ عن المتوفى فأخبروه باسمي .. ويبدو أنه هز رأسه حيث سمعته ينفي أنه يعرفني ويطلب منهم أن يضعوني في الجهة اليمنى على يمين مدخل المسجد فوضعوني وتحلقوا حولي يقرؤون القرآن إلى أن بدأت الخطبة .. كانت الخطبة مملة جدا فغفوت .. وكنت متأكدا أن الكثيرين غفوا أيضا بانتظار انتهاء الخطبة فالصلاة ..

بعد انتهاء الصلاة نقلت بعربة نقل الموتى إلى المدافن .. استغربت السرعة التي كانت سيارات الموكب تسير بها .. وبصراحة فقد امتعضت فقد كنت أريدها جنازة مهيبة تسير ببطء وحزن ولكنهم كانوا كمن يستعجل إلقاء حمل ثقيل تنوء به ظهورهم ..

وبسرعة غير متناسبة مع جلال الموقف جرى كل شيء .. الدفن والتلقين والاصطفاف على بوابة المقبرة .. ثم .. ها أنا وحدي أخيرا ..

انتظرت الملكين والسؤال ولكن ..

”بسسسست“

هل كان صوتا أنثويا؟

”بسسسسسسست“

هذه المرة لم يكن ثمة شك .. نعم هو صوت أنثوي ..

”شو يا حلو؟“

”نعم؟ أنا؟ حلو؟“

”يا سيدي أيون إنت .. ولا .. لا يكون مش عاجبينك إحنا؟“

”أستغفر الله يا أختي“

”أختي؟ هاهاهاهاهاهاها“

”طيب بلاش أختي .. يا زميلتي .. بينفع؟“

”صحيح إنك دب .. يا إبني وحدة بتقولك يا حلو .. قلها يا حلوة ع الأقل .. مش ردوا بأحسن منها أو مثلها؟“

”طيب يا ستي .. قصدي يا حلوة .. ممكن نتعرف؟“

”محسوبتك شهرزاد .. ينفع؟ يا .. شهريار؟“

أعجبتني النكتة فندت عني قهقهة

”يبدو أن ليلتنا أنس يا زميلة شهرزاد .. ولكن كملي معروفك وعرفيني على الزملاء اللي حوالينا“

”سيبك منهم يا حلو .. كل واحد منهم بحاله .. خليك معاي أنا وصحصح“

وهكذا كان .. صحصحت ..

ولم يعد يهمني زارني قوم تبع أم نسوني

2011/01/08

الدب

‎ .. وبينا أنا في الصحراء رأيت دبا قادما نحوي .. فلما وصلني قال لي: سمعت أنك في طريقك إلى القطب؟ قلت: نعم. ظل يلح علي أن آخذه معي وأنا أتعذر بشتى الحجج. فأطرق. وأخيرا سمعته يقول لي وعيناه مملوءتان بالدموع: إذن فأحضر لي معك من هناك قليلا من الثلج أقبله!

2011/01/05

قوس قزح

نفد دواؤه فطلبه ..

قالوا له: ما حاجتك إلى الدواء؟ ألست محكوما بالإعدام؟

قال: ولكنني مريض. ورفضكم تزويدي بالدواء لا يرضي الله.

قالوا: وهل يعرف كافر مثلك ما يرضي الله وما يسخطه؟

قال: ولكن حرمان أي مريض من الدواء جريمة!

قالوا: بل إعطاء من هم مثلك الدواء هو الجريمة.

وعلى بعد آلاف الأميال، كانت مريم العذراء تبتسم بين دموعها لطفل صغير، وقف أمام تمثال الحرية ممسكا (حمامته). وكانت أضواء قادمة من مكان ما تنكسر راسمة على رشقات بوله قوس قزح

2011/01/04

الحسناء والبسوس والطالب الجامعي

بعد أن انتهت الدكتورة الحسناء من إلقاء محاضرتها فتحت الباب أمام أسئلة الحضور.

سألها طالب جامعي كان يغزو عاما ويحج عاما: ألا تعتقدين، آنستي، أن ثمة علاقة وثيقة بين حرب البسوس وهزيمة العرب أمام إسرائيل في حرب الأيام الستة؟

قلبت الحسناء شفتيها استياء ..

فيما بعد، أصبحت الدكتورة الحسناء سفيرة لبلادها في عاصمة الأناقة. أما الطالب الجامعي، فلا يزال، حتى الآن، يغزو عاما ويحج عاما.

2011/01/03

أمولة

استيقظت ”أمولة“ في نفس الوقت الذي تستيقظ فيه كل صباح .. ولكنها، كعادتها، ظلت مستلقية تجول بعينيها في أرجاء الغرفة وهي تتذكر تفاصيل ما حدث معها أمس .. كانت تبتسم وهي تتذكر اللعب والنطنطة وكل الشقاوات والمقالب التي صنعتها أمس بأمها وأبيها وأخيها ..

وأخيرا كان لا بد أن تنهض من فراشها ..

- مامااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اا

ندت عنها صرخة مذعورة

جاءت أمها راكضة .. وفي عينيها كل ما يمكن أن تحمله أم من لهفة وخوف على ابنتها الوحيدة .. ألقت نظرة إلى المكان الذي كانت عينا ابنتها معلقتين عليه .. و ..ابتسمت ..

وجلست على طرف السرير محتضنة ابنتها وهي تشدها إلى صدرها وتداعب شعرها.

وتحدثت إليها طويلا ..

ومنذ ذلك الصباح .. اختفت ضفيرتان وشبرة حمراء

خربشة بعد منتصف الليل

كان يعلم ما تعنيه تلك الخربشة على باب الشقة.

تسلل من فراشه بكل هدوء، محاذرا أن تستيقظ النائمة بكل اطمئنان إلى جواره. فتح باب الشقة، وصعد درجات السلم إلى السطح بهدوء قطة تتهيأ للانقضاض على فأر.

وهناك في نفس الزاوية المعتمة كان يقف، كما توقع، شبح أسود ذو عينين لامعتين.