2014/06/06

بانديج

أحست بالدماء تغلي في عروقها فنهضت من مقعدها بعصبية .. أمسكت بحقيبة يدها وعلقتها على كتفها .. اتجهت صوب باب الخروج دون أن تنبس بكلمة واحدة .. اصطدمت ركبتها بحافة شيء ما فشعرت بألم شديد ولكنها غالبته .. وقفت على حافة رصيف الكوفي شوب تنتظر ..

- تاكسي

توقفت سيارة التاكسي بجوارها .. فتحت الباب الخلفي وألقت بنفسها وحقيبتها على المقعد الخلفي .. ودون أن يلتفت إليها السائق سألها.

- وين يا أختي؟

- ع جهنم!

كان لا بد أن يلتفت .. وكان وجهها بلون الشفق ..

- لا حول ولا قوة إلا بالله .. روقي يا بنتي والله هالدنيا ما فيها إشي بيستاهل ..

انفجرت باكية ..

- وين بدك أوصلك؟

لم تستطع الإجابة .. شغل محرك السيارة واتجه إلى الأمام .. بعد مائتي متر توقف ..

- ثواني .. خليكي هون .. ما راح أتأخر ..

نزل من السيارة .. وعاد بعد قليل بزجاجة ماء وباكيت كلينكس ..

- خذي هدول يا بنتي .. اشربي مي وامسحي دموعك.

تناولتهما بصمت ..

سارت السيارة في الشارع المكتظ بالسيارات والمارة .. تذكرت شيئاً ..

- لو سمحت رجعني مطرح ما ركبت معك ..

- حاضر

نزلت من التاكسي ولكنها أبقت حقيبتها في مكانها ..

- لو سمحت استناني .. دقيقة واحدة بس .. ما راح أتأخر ..

دخلت إلى الكوفي شوب .. اتجهت إلى نفس الطاولة .. لا يزال هناك .. ينفث دخان سيجارته ..

خلعت من اصبعها الخاتم .. ورمته أمامه على الطاولة .. سقط الخاتم على الطاولة وتدحرج إلى الأرض ..

انحنى .. التقط الخاتم .. ونظر إليها متسائلاً ..

خرجت بصمت كما دخلت بصمت .. عادت إلى مقعدها في التاكسي .. أحست بجبل ثقيل ينزاح عن ظهرها ..

التفت إليها السائق .. وبدلاً من الدموع .. رأى في عينيها ظل ابتسامة .. وحقلاً ممتدا بلا نهاية من الدحنون والأقحوان.

توقف قرب صيدلية .. وعاد بزجاجة سبيرتو ولفة قطن طبي وبانديج لتضميد الجروح ..

* * * * * * *

قبلت جبين ابنتها التي كانت مستلقية بجانبها على السرير مستمتعة بالحكاية ..

- وهيك تعرفت على أبوكي يا بنتي ..