كان الجو صيفاً .. وكانت درجة الحرارة داخل الشقة لا تطاق. على السطح عريشة، أحاطتها زوجتي بأواني زُرعت فيها نباتات مختلفة فتعطي جواً جميلاً للجالس تحت العريشة، من جهة، وتساهم، من جهة أخرى، في حجبه عن أعين المتطفلين من ساكني العمارات المجاورة .. العريشة مضاءة بلمبة نيون، مع أنني لا أستعملها لأنني أعشق الجلوس في الظلام فأَرى كل ما حولي دون أن أُرى ..
بعد الحادية عشرة ليلاً أحسوا بالبرد .. فنزلوا إلى الشقة يرتجفون ..
قال أبو عادل: وين إم العبد؟
أما إم العبد فلم يكن سوى (اسم الدلع) لابنته الطفلة رنا ذات الأربعة أعوام ..
كانت رنا موجودة ..
- هيوتني
كان يعلم أنها موجودة .. ولكنه أعاد السؤال:
- يا جماعة وين رنا؟ لا يكون خليتوها ع السطح نايمة؟
استغربت رنا .. فتحت عينيها على آخرهما ..
- هيوتنييييييييييييي!
دخلت أم عادل على الخط:
- ولك عادل .. اطلع شوف أختك لا يكون نسيناها على السطح
- ممممممممم .. لا .. ما كانت معانا على السطح .. يمكن نسيناها في الملاهي؟
زاد اتساع عينيّ رنا وبدأت تقفز وسط الغرفة
- يا ألله يا ألله .. هيوتني .. شو؟ مش شايفيني؟ هيوتنييييييييييييي!
قالت زوجتي:
- بالعسا عنجد نسيتوها في الملاهي .. محمد روح انتا ومأمون دوروا عليها .. حرام هسه بتكون تصروعت البنت
قمت (زي اللي عنجد) .. لبست .. وقام أبو عادل ولبس .. كنت لا أزال أحس بألم عضتها على مؤخرتي قبل سنوات فأردت الانتقام ..
- نروح بسيارتي
- لأ بسيارتي
وقفت رنا في الممر الضيق المؤدي إلى باب الشقة ..
اشتركت ديانا في اللعبة ..
- أنا جاي معاكم .. يا حرام يا رنااااااا
توقفت رنا عن النط في وسط الغرفة لإثبات الوجود، وبدأت رنا في البكاء ..
كان يجب أن نتوقف جميعنا عن التمثيل .. نظرنا جميعاً إلى رنا ..
- هه .. هاي رنا هون!
توقفت رنا عن البكاء .. ولكن نظراتها النارية أحرقتنا جميعاً