2010/12/30

أعل هبل

كان حبيبي أعلى الجبل وكان الأقزام يتقافزون أسفله. صاح أكثرهم بشاعة: أعل هبل! أعل هبل! مقتدى مقتدى مقتدى. فقال: الله أعلى وأجل! فرد عليه القزم: العزى لنا ولا عزى لكم. فقال: الله مولانا ولا مولى لكم. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا .. ولم يدعوه يكمل شهادته.

2010/12/29

رسالة مكاشفة

”اشتقت إليك كثيرا .. لم أعد قادرا على كتم مشاعري نحوك .. أنا أحبك“

توقف. قرأ ما كتبه ثم فكر: ”لا .. يجب أن أثقل قليلا .. ماذا ستعتقدني إن قرأت هذا الكلام؟ مراهق؟“

مسح كل شيء .. وبدأ مرة ثانية.

”عزيزتي فلانة: اشتقت إليك كثيرا .. هناك كلام كثير ينبغي أن أقوله لك .. ولكنني لا أجد الجرأة لفعل ذلك نظرا للفوارق الكثيرة بيننا“

توقف. ”يا إلهي. هكذا ستعرف. إنها ذكية جدا وتقرأ ما وراء الكلمات وما بين السطور“

مسح كل شيء .. وبدأ مرة ثالثة.

”ابنتي العزيزة فلانة: أود أن أطمئن على أحوالك وشؤونك. وسأكون ممتنا لو طمأنتني برسالة في أسرع ما يمكن“

فكر. ”العزيزة؟ أود؟ أليست كلمات حميمية أكثر من اللازم؟ وما هذا؟ في أسرع ما يمكن؟ هذه عبارة نزقة ومندلقة أكثر من اللازم. يجب أن أغيرها“

مسح كل شيء .. وبدأ مرة رابعة.

”ابنتي فلانة: أرى من واجبي أن أطمئن على أحوالك وشؤونك. وسأكون ممتنا لو طمأنتني برسالة إذا رأيت ذلك مناسبا“

2010/12/17

شعب الله المحتار

تحاشيته كثيراً ولكنني أخيراً وجدت نفسي معه وجها لوجه في السوبرماركت القريب من بيتي والمسجد الذي يؤم فيه ..

- والله عاش من شافك يا رجل .. وين هالغيبة؟

قالها بلهجة استنكارية

- مشاغل والله يا شيخ

- لا بارك الله في عمل يلهي عن الصلاة

قالها مؤنبا

- يا شيخ أنا أصلي في البيت

- لا صلاة لجار المسحد إلا في المسجد

تفاديت عينيه وتشاغلت بالبحث على رفوف السوبرماركت عن لا شيء .. ظننته حلّ عني ولكنه أضاف:

- اتق الله يا رجل وصلّ قبل أن يصلى عليك

لم أعد أحتمل فانفجرت:

- بصراحة لم أعد أطيق التواجد في مكان تكون فيه. لكي أصلي خلفك يجب أن أحبك وأحترمك. وأنت للأسف لم تعد أهلا لا لهذه ولا لتلك

نظر إلى بحقد. وهز رأسه وذهب

في مساء اليوم التالي جاءني تبليغ بوجوب مراجعة الجهة الأمنية ذاتها التي راجعها أبو عمر قبل أن يضطر ذووه إلى إدخاله مستشفى الأمراض النفسية

* * * * * * *

جمع مختار الحارة الشرقية وجوه الحارة في مضافته .. وأصر على أن يتواجد ”الجميع“ ..

- يا إخوان .. نحن أسرة واحدة .. والقادمون من الحارة الغربية هم منا وفينا .. لهم ما لنا وعليهم ما علينا .. صحيح أن مياهنا ”على قدنا“ .. ولكن القادمين من الحارة الغربية هم منا وفينا .. لهم ما لنا وعليهم ما علينا .. صحيح أن مولدات الكهرباء ”يا دوب“ .. ولكن القادمين من الحارة الغربية هم منا وفينا .. لهم ما لنا وعليهم ما علينا ..

تنحنح ”عبد الكادر“ وهم بالكلام ولكن خلف قاطعه قائلا: أخ عبد الكادر رجاءً لا داعي للكلام .. ما ستقوله مرفوض جملة وتفصيلاً .. الحارة أصلا ما فيها شغل والبطالة نسبتها فوق الريح وأنت تعلم .. وليس صحيحا ما ستقوله من أن القادمين من الحارة الغربية لا يجدون أحدا يشغلهم .. يا عيب الشوم على هالحكي يا عبد الكادر .. أنتم ضيوف وشرفتمونا وأنتم منا وفينا .. لكم ما لنا وعليكم ما علينا.

تنحنح المختار وقال: يا جماعة ”لا تفهمونا غلط“ .. ولكن لأمور تنظيمية بحتة قررنا أن على القادمين من الحارة الغربية أن يربطوا على أذرعتهم ”شريطة خضراء“

* * * * * * *

كان عبد القادر جالسا على باب ”دكانته“ التي احتلت الناصية الواقعة عند التقاء ”زاروبتين“ من ”زواريب“ المخيم ..

وكانت الشمس قد ظهرت بعد يومين من الإحتجاب وراء الغيوم التي أمطرت في كل الدول المجاورة وأبت أن تحنّ على المخيم وما جاوره من بقاع بنقطة واحدة ..

أما ”الكرسي“ الذي كان جالسا عليه فلم يكن إلا ما كانت في يوم من الأيام تنكة سمنة، أصبحت فيما بعد تنكة ”باطون“ استخدمها عمال ”الصبة“ بعد أن نزعوا إحدى قاعدتيها وثبتوا على إحدى جوانبها خشبة بمسامير لتسهيل عملية مسكها أثناء استخدامها في نقل الباطون من مكان الخلط إلى مكان الصب.

وجلس على ”كراسي“ مشابهة تماما جلاسه الذين جاءوا تباعا .. كان أولهم الشيخ حامد، إمام وخطيب ومؤذن وخادم الجامع القريب، يحمل راديو الترانزستور الذي لا يفارق مؤشر المحطات فيه محطة ”البي بي سي“، لكي يبقى على اطلاع دائم على ما يجري، لأن ”من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم“ .. ثم الأستاذ يحيى وهو أستاذ عربي متقاعد يحفظ كل أشعار الفخر والحماسة إبتداء من ”إذا بلغ الفطام لنا رضيع تخر له الجبابر ساجدينا“ وليس انتهاء ب ”نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل“ .. يليه أبو عمر السياسي المزمن والذي لا يخرج من السجن إلا في ”إجازات قصيرة“ كما يصفها هو، ليعود إليه يملؤه الحنين لأنه كما يصف نفسه ”خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصبا لغادرت شيبي موجع القلب باكيا“.

أما إبريق الشاي فقد كان في مكانه المعتاد على سيخين مقتطعين من قضبان حديد التسليح وممددبن على غطاء تنكة باطون أخرى تملؤها قطع من الطبش التي لم تعد صالحة للاستعمال كخشب طوبار فجيء بها لكي تواجه مصيرها المحتوم وقودا للنار ..

وفي موعدها شبه الثابت جاءت ”الحجة زريفة“ .. لا أحد يعرف عنها أكثر من اسمها ومن أن لها ولدا في الكويت .. حتى هي لم تعد تعلم عنه إلا ما يعرفه أهل المخيم .. ف ”الولد“ يبدو أنه قد نسي المخيم وكل ما فيه حتى ”الحجة“

- ”تتجوزيني يا حجة زريفة؟“

سألها الشيخ حامد نصف جاد ونصف مازح

- ”أبنزلش ضرة ع ثلث نسوان“

ردت عليه الحجة زريفة نصف جادة ونصف مازحة ..

لم تطل الحجة زريفة المكوث .. أخذت أغراضها وعادت إلى ”براكية الزينكو“ سريعا .. فهما قد أصبحتا - بعد 43 عاما - أكثر من صديقتين.

* * * * * * *

كأننا في فيلم كابوي من تلك الأفلام التي لا تمل دور السينما عندنا في المخيم من عرضها ..

كل شيء حدث فجأة ..

مجموعة من الشباب المذعورين يتراكضون بلا هدي في زواريب المخيم .. كل ما يهمهم أن يختبئوا من سيارات دوريات الدرك التي تطاردهم ..

ثوان قليلة امتلأت الزواريب برجال الدرك يحملون الهراوات والأسلحة ..

دخل شاب إلى دكانة عبد القادر وهو يلهث وعيناه زائغتان ..

- ”عمو خبيني الله يرضى عليك!“

- ”ولك شو في؟ اهدا اهدا لا تخاف بس احكيلي شو في؟“

- ”عمو نزّل الحديد يستر ع ولاياك .. الدرك لاحقيننا“

أنزل عبد القادر باب الحديد بعد أن دخلوا جميعا إلى الدكان .. ولكن الغاز الذي أطلقة الدرك في زواريب المخيم أجبرته على أن يرفع الحديد ويفتح الباب لئلا يموتوا اختناقا ..

- ”تعال جاي يا عرص يا ابن العرص“

قال أحد رجال الدرك وهو ينزل بهراوته على رأس الشاب وجسده. ثم اقتاده جرّاً إلى السيارة

- ”انتو كنتو كمان هناك؟“

سألهم الضابط

- ”لا والله يا سيدي إحنا من الصبح قاعدين هون في الدكان“

أجاب عبد القادر ..

- ”هوياتكو“

أعطوه هوياتهم .. أخذ يتمعن فيها وفي وجوه أصحابها واحدا واحدا ..

- ”وانت؟“

قال الضابط لأبي عمر

- ”أنا ما معي هوية“

- ”ليش وين هويتك؟“

- ”سيدي هاظ زبون عندنا“

قال الدركي

- ”هيك يعني؟ طيب ممتاز .. شرف معنا!“

واقتادوا أبا عمر

* * * * * * *

بمجرد إدخال أبي عمر والشاب إلى سيارة الدرك وضعوا عصابتين على عيونهما وقيدت أيديهما خلف ظهريهما. كان في السيارة آخرون .. سارت السيارة بهم إلى مكان ما وأنزلوا من السيارة واقتيدوا تحت الصفعات والضرب بالبساطير وأعقاب البنادق إلى مكان مظلم ورطب وعابق بدخان السجائر والروائح الكريهة ..

كانوا يقتادونهم واحدا واحدا إلى مكان مجهول في الطرف الآخر من المبنى .. حيث يبدأ التحقيق والضرب والصراخ ..

وعندما اقتادوا الشاب سمع أبو عمر صوته وهو يصرخ من الألم .. استمر الشاب يصرخ لفترة ثم سمع أبو عمر صوت صرخة عالية اهتزت لها قلوب من كانوا محتجزين في ذلك المكان .. ثم ساد هدوء مخيف.

بعد وقت حسبه أبو عمر دهرا جاءوا واقتادوه .. أدخلوه إلى غرفة حيث قام الدركي بإيقافه في منتصفها. جاءه صوت:

- ”انت كنت هناك مش هيك؟“

- ”لا طبعاً هاظ الكلام مش صحيح. انا كنت في الدكان اللي اخذتوني منها. وكان معي شهود!“

- ”مش قلبل والله .. شكلك راح تغلبنا كثير“

ثم بعد قترة صمت ..

- ”فكوا العصبة عن عينيه“.

عندما فكوا العصبة عن عينيه كانوا يمسكون به من الخلف بحيث لم يتمكن من رؤية وجوههم. لم يكن يتمكن من النظر إلا إلى الأمام حيث رأى الشاب ممددا على بطنه على سرير عسكري .. وكان ثمة فتحة مستطيلة في بنطلونه وسرواله الداخلي وكانت مؤخرة الشاب ملطخة بالدم.

أعادوا العصبة إلى عينيه .. ثم جاءه الصوت:

- ”ما في فايدة من الإنكار .. كل إشي واضح والأدلة كلها ضدك .. إعترف أحسنلك“

2010/12/07

معلمة الدين

- بابا .. هل صحيح أن الصحابة كانوا يتبركون ببول الرسول وبصاقه ونخامه؟

كنت منهمكا في قراءة مقال مهم على الإنترنت .. ولكن سؤالها صفعني، فنظرت إليها عابسا مندهشاً

- ماذا تقولين؟

أعادت السؤال، وهي تؤكد على كل كلمة، كأنها تضع خطاً أحمر تحتها:

- هل صحيح أن الصحابة كانوا يتبركون ببول الرسول وبصاقه ونخامه؟

- لا يا بابا، هذا الكلام غير صحيح. من قال لك ذلك؟

- المعلمة.

- أية معلمة؟

- يا باباااااااا معلمة الدين عندنا في المدرسة.

- هل هذا مكتوب عندكم في المنهاج المقرر؟

- لا يا بابا ولكنها أكدت أنه موجود في كتب كثيرة.

- هذا الكلام هَبَل. لا أريدك أبداً أن تصدقينه

- طيب .. إذا جاءنا هذا كسؤال في الامتحان ماذا أجيب؟

2010/12/05

الخطيب

كان موضوع خطبته عن الرفق واللين والكلمة الطيبة ..

رأى - وهو يهم بالخروج من المسجد - امرأة متسولة، كانت جالسة على عتبة باب سور المسجد الخارجي .. وكانت تعد القروش القليلة التي جمعتها من المصلين أثناء خروجهم من المسجد بعد الصلاة ..

صرخ بها: لا تعودي مرة أخرى إلى هنا أيتها الفاسقة وإلا طلبت لك الشرطة.

ثم التفت إلى خادم المسجد قائلا: لعنة الله عليهن .. إنهن يأتين إلى المسجد بحجة التسول لاصطياد الرجال!

2010/12/03

حجر، ورقة، مقص

قال الحجر للمقص: أنا قادر على هزيمتك بكسرك

ارتعدت فرائص المقص .. حانت منه التفاتة، فرأى الورقة .. انفرجت أساريره، وقال: أنا قادر على هزيمتك بقصك

خفقت الورقة من الرعب كجناحي طائر .. رأت الحجر، فانفرجت أساريرها، وقالت: أنا قادرة على هزيمتك بتغطيتك

لم يصدق الحجر ما سمع، فانتفخ، وقهقه متدحرجا، كجلمود صخر حطه السيل من عل

2010/12/01

رزنامتان

قالت الجديدة للقديمة:- أيام قليلة وأحتل مكانك أيتها العجوز!

وضحكت ..

ردت عليها القديمة:- لا تفرحي كثيرا ..

سيحدث معك ما حدث معي بالضبط ..

سيجردونك من أوراقك ورقة ورقة ..

وعندما لا يبقى من أوراقك شيء ستلحقين بي

2010/11/30

شخص آخر

اسمها معروف جدا في عالم التدوين .. قرأت لها إدراجا، فأعجبني، فكتبت تعليقا عاديا .. في ردها على تعليقي رحبت بي بحرارة .. كان عنوانها البريدي مدرجا على الصفحة الرئيسية في مدونتها، فتراسلنا، طلبت إضافتها على الماسنجر فوافقت. وتحادثنا لساعات طويلة لأسابيع ..بيني وبين نفسي كنت أستغرب لطفها معي وحميميتها وانطلاقها في الحديث والمزاح .. قلت في نفسي لعلها هكذا على سجيتها مع الجميع، أو لعلها تميل إلي ولا تصرح بذلك. ولكنني لم أجرؤ أبدا على محاولة معرفة السبب ..بعد أسابيع من تعارفنا وبينما كنا نتحادث بكل أريحية في كل شيء وفي اللاشيء سألتني: ما أخبار فلانة؟

بوغتت بسؤالها. فأنا لا أعرف فلانة التي سألت عنها .. أخبرتها بذلك فسكتت طويلا. وفجأة سألتني: لماذا تنكر معرفتك بها؟

أقسمت لها أنني فعلا لا أعرف الفتاة التي سألتني عنها.

- ألست فلان الفلاني؟

- نعم.

- ألم تكن تدرس في جامعة كذا سنة كذا وكذا؟

- لا. ولست من أبناء تلك الدولة ولم أدخلها قط.

- لماذا تنكر نفسك؟

- أقسم لك أنني لست من تتحدثين عنه.

- أنت جبان وكذاب وحقير.

وأطفأت الماسنجر .. أو هكذا ظننت.

انتظرتها كثيرا أن تظهر على الماسنجر .. راسلتها على إيميلها .. ذهبت إلى مدونتها وكتبت تعليقات هنا وهناك على إدراجاتها ولكنها تجاهلتني تماما ..بعد شهور طويلة من ذلك وصلتني منها الرسالة التالية على إيميلي: ”أنا أعتذر عن كل ما بدر مني. كنت أظنك شخصا آخر. لا تسألني من هو وماذا كان لي. ولا تحاول أبدا أن ترد على هذه الرسالة. أتمنى لك حياة سعيدة. وداعا“

2010/11/28

بيف باف

- مولاي .. الشعراء على الباب يلتمسون شرف المثول بين يديك.

كانت الكهرباء مقطوعة .. وأجهزة التكييف معطلة .. وكانت يدا مولانا منهمكتين بنش الذباب اللحوح

- أليس لديكم بيف باف*؟

* * * * * * *

• بيف باف: مبيد قوي للحشرات

2010/11/26

نفاق

وقفوا بين يديه يمدحونه واحدا واحدا ..

وكان يكتفي بهز رأسه وبابتسامة غامضة ..

وبعد أن أنهى آخرهم إلقاء قصيدته، صرخ السلطان: يا سياف!

2010/11/25

تلاصق

نزل الثلج بكثافة وبشكل متواصل لعدة أيام .. وعندما توقف نزول الثلج خرج الأطفال .. لعبوا .. تقاذفوا بكرات الثلج .. وأخيرا صنعوا رجل ثلج وامرأة ثلج متلاصقين ..

في ظلام الليلة التالية هبت رياح باردة .. طلبت امرأة الثلج من رجل الثلج أن يقترب أكثر .. احتضنها وقبلها

.. وفي الصباح عندما جاء الأطفال .. وجدوا مكانهما بركة ماء.

2010/11/24

حظ يفلق الصخر

طوت الجريدة بعصبية بالغة .. وبصقت من بين شفتيها شتيمة مقذعة ..

فقد قرأت في الأبراج أن العام المنصرم كان سنة السعد بالنسبة لها .. وتذكرت أنها فقدت شعرها بالسرطان .. وابنها في حادث .. وزوجها لأعز صديقاتها

2010/11/22

عروس جديدة

أحبته ..

عادت كل الدنيا من أجله ..

وتزوجته ..

بنت عشهما قشة قشة .. ووضع هو اسمه في إطار مذهب على الباب ..

ومع ظهور أول التجاعيد حول عينيها وفمها .. قال لها: ”أعرفك بالعروس الجديدة. أليست رائعة الجمال؟“

2010/11/21

جدران ونجوم

حبسها بين أربعة جدران.

قالت له: مللت. أريد أن أرى الدنيا.

قال لها: حبيبتي .. أغمضي عينيك .. وانظري إلى النجوم

2010/11/20

نص نصيص

ليس نص نصيص المذكور في الحكاية الشعبية .. ولكنه الاسم الذي يطلقه موظفو الشركة التي أعمل فيها عليه ..

إنه صبي، يجلس متربعا كل يوم على رصيف الشارع الرئيسي المؤدي إلى مكان عملي .. مسندا ظهره إلى سور كراج السيارات التابع لمبنى مقر الشركة .. وفي حرجه علبة صغيرة من الكرتون، فيها عدة قطع من الشوكولاتة من أنواع مختلفة ..

ورغم صغر سنه، إلا أن تصرفاته ليست طفولية .. يجلس صامتا غالبا .. لا يدلل على بضاعته .. ويكتفي بالرد، باختصار شديد، على أسئلة من يرغبون بالشراء منه .. يسألونه عن الأسعار، فيجيبهم .. ينقدونه الثمن، فيعطيهم ما يريدون، ويأخذ منهم النقود، ويعيد إليهم الباقي إن كان لهم باق ..

كنت أشفق عليه .. فمن هم في مثل سنه يفترض أن يكونوا – في مثل هذا الوقت – جالسين على مقاعد مدرسة ما، لا على بلاط رصيف بارد ..

حدثتني نفسي، مرة، أن أساعده بطريقتي .. أخذت منه مونتي اليومية من قطع الشوكولاتة .. نقدته مبلغا أكبر من ثمن ما اشتريت، وتابعت سيري ..

- عمو عمو عمو ..

- إيش في عمو؟

- الباقي عمو

- مسامحك عمو

- لأ شكرا عمو. يكثر خيرك. هاد حقك. أنا أخذت حقي

قالها بأنفة وعزة نفس

طأطأت رأسي، ودخلت مقر الشركة.

2010/11/18

إبريق الزيت

كنا نتجمع في ليالي الشتاء الباردة حول موقدة الحطب (الكانون)، أو صوبة السولار (البواري)، أو صوبة الكاز (علاء الدين) ..

وفي صدر القعدة عادة ما يكون سيدي أو ستي أو من يقوم مقامهما في السن والطيبة والحنان .. يكون مضطجعا على فرشة الصوف ومتكئا على مسند من القش ووسادات القطن ..

وكنا نغالب النعاس لكي نستمع من سيدي أو ستي إلى خريفية أو خريفيتين ..

وغالبا ما كانت الأم أو الأب أو كلاهما بحملنا بعد أن نغفو قبل انتهاء الخريفية إلى حيث نكمل نومتنا الهانئة حتى الصباح ..

أما حين يكون سيدي أو ستي في مزاج للممازحة والمناكفة فتكون خريفية السهرة هي ”إبريق الزيت“

وإبريق الزيت ليست خريفية بالمعنى الصحيح ..

إنها مجرد تكرار ولت وعجن استفزازي لعبارة إبريق الزيت ..

يبتدئ سيدي بالسؤال: أخرفكم خريفية إبريق الزيت؟

فنرد ممتعضين: لاااااااااااااااااااااااااااااااااااا

فيقول سيدي: لااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ولا ما لاااااااااااااااااااااااااااااا

أخرفكم خريفية إبريق الزيت؟

فنرد: يا أللاااااااااااااه

فيقول: يا أللااااااااااه ولا ما يا أللاااااااااااااه .. أخرفكم خريفية إبريق الزيت ..

وهكذا ..

وندرك ليلتها أن ليلتنا بلا خراريف ..

فنقوم للمطاردة والركاض تنهرنا أصوات الكبار التي تقطع أحاديثهم

2010/11/17

مدرب السواقة

كانت تلك حصتها الأولى في التدرب على السواقة ..

جلست في مقعد السائق، وجلس هو في المقعد الذي على يمينها ..

”أترين هذه الدعسة التي على اليمين؟ إنها دعسة البنزين .. وهذه التي في الوسط هي دعسة البريك .. أما الدعسة الأخيرة التي على اليسار فهي دعسة الكلتش .. و .. و ..“

كان هو منهمكا في الشرح .. بينما كانت هي منهمكة في النظر إلى صورتها المنعكسة في المرآة الأمامية وصورته المنعكسة في المرآة الجانبية اليمنى

وفي زمن قياسي .. وبعد أقل من شهر .. كانت قد حازت ومن المرة الأولى – وهو ما لم تستطع أي من معارفها وصديقاتها أن تنجزه – على وثيقة مروسة بكلمتين: عقد زواج

2010/11/16

رغبة متأصلة

عندما كنت صغيرا .. كنت إذا دخلت بيتا فارغا – إلا من الجدران – .. أو إذا فرغ البيت قبل الدهان والطراشة أو لأي سبب من الأسباب .. أحس برغبة عميقة في الشيطنة والولدنة .. والركض بأقصى سرعة من غرفة إلى غرفة .. والصياح بأعلى صوتي .. لا لشيء إلا لمجرد الصياح .. وربما للتمتع بسماع صدى صوتي المنعكس على جدران الغرف الخالية ..وعندما كنت أفيق من النوم وأجد الجميع نائمين ولا مستيقظ غيري .. كنت أحس برغبة عميقة في الشيطنة والولدنة .. وإحداث أكبر ضجة ممكنة .. لا لشيء إلا لمجرد الإزعاج والتمتع برؤية عبوس أفراد الأسرة وهم يستيقظون متبرمين من إزعاجاتي ..

نفس الشعور أحس به عندما أقضي ساعات هنا .. وحيدا كقبر ولي صالح في مجتمع علماني أو كقبر ماركسي في زمان ما بعد الماركسية

2010/11/13

سنفروا بأرواحكم!

”السنافر (جمع سنفور) هي شخصيات خيالية صغيرة الحجم، زرقاء اللون، وتعيش في الغابة، ألفت حولها الكثير من أفلام الرسوم المتحركة التلفزيونية.“

”وهناك بين السنافر الكثير من الشخصيات مختلفة الطباع، فهناك بابا سنفور وسنفور الحالم وسنفور القوي وسنفور المفكر (أبو نظارة) وسنفور الأكول وسنفور الغضبان وسنفور الكسول وسنفور الشاعر وسنفور الرسام وسنفور المازح وسنفور الموسيقي العازف وسنفور العبقري وسنفور المغرور وسنفور المزارع وسنفور المغامر وسنفور الطفل وسنفورة الجميلة.“

”للسنافر عدو كريه هو شرشبيل الشرير وقطه الأحمر المشاكس ”هرهور“ اللذان يعيشان في القلعة المهجورة. شرشبيل هو ذلك المشعوذ الشرير، الذي يريد الإمساك بالسنافر، لكنه لا يستطيع أن يحصل على ما يريد منهم، ويحاول بكل الطرق، لكن دون جدوى ..فهو يريد السنافر لحاجة ما إما أن يأكلها كغذاء سحري أو يستعملها في أشياء تفيده كتحويلها إلى ذهب ..، شخصيته شريرة لكنها ظريفة“

أسمعكم تقولون ما لنا وللسنافر؟

طيب .. سأصارحكم.

في كل تجمع بشري هنالك سنافر .. وهنالك شرشبيل الشرير وهرهوره الأحمر المشاكس.

في المدرسة والجامعة مثلا .. يكون الطلبة المستجدون سنافر .. وهنالك دائما من بين الطلبة الأقدم شرشبيل واحد أو أكثر وهراهيرهم ..

في الخدمة العسكرية أيضا يكون المجندون الجدد سنافر .. وهنالك دائما من بين المجندين الأقدم شرشبيل واحد أو أكثر وهراهيرهم ..

في العمل أيضا يكون الموظفون الجدد سنافر .. وهنالك دائما من بين الموظفين الأقدم شرشبيل واحد أو أكثر وهراهيرهم ..

في كل مكان – بما في ذلك هنا هنالك سنافر وشرشبيل شرير أو أكثر ولكل منهم هرهور أحمر مشاكس ..

إذا كنتم سنافر .. وصادفكم أحد أولئك الشرشبيلات أو أحد هراهيرهم فلا تنسوا أبدا: إن لم تسنفروا بأرواحكم فسوف تسنفرون سنفرة لا تقوم لكم من بعدها سنفرة أبدا ..

وقد أعذر من أنذر

2010/11/12

غباء

كنت أتوهم أنني، على الأقل، بذكائك ..

ولكنني اكتشف، متأخرا، كم أنا غبي!

فقد كنت أفترض أنك، مثلي، لا تحتفظين على هاتفك الخلوي إلا برقم واحد ..

رقمي أنا ..

كم أنا غبي!

2010/11/11

كأنه هو

بسبب أزمة المرور الخانقة تأخرت هي عن موعد انطلاق المترو فكان لا بد من انتظار المترو التالي. وضعت حقيبة يدها بجانبها على المقعد الفارغ. وكانت القاعة شبه فارغة إلا من عدد من الباعة الذين كانوا يفترشون بلاط قاعة الانتظار.

قتلها الملل فجالت بعينيها في أرجاء القاعة. وفجأة شخصت عيناها حينما وقع نظرها على رجل كان يدير ظهره لها. – أيعقل أن يكون هو؟ – ولم لا؟ – ولكن رأس هذا الرجل أكثر شيبا من رأسه .. – أنسيت أن الرجال قد يشيبون كثيرا في أربعة أشهر؟ – يا إلهي! هل مرت فعلا أربعة أشهر على لقائنا الأخير؟ – نعم. نعم أيتها الجاحدة القاسية. مرت أربعة أشهر – لست أنا القاسية. هو القاسي. – بل أنت القاسية. – ربما. ولكن قسوتي كانت ردا على قسوته. -اسكتي. لن نتفق لأنك تكابرين ..

فكرت أكثر من مرة أن تفتعل أي سبب للفت انتباهه نحوها لعلها تتأكد من هويته. ولكنها كانت تتردد في كل مرة .. فكرت أن تقوم من مكانها بأي حجة .. بأن تشتري جريدة أو علكة أو أي شيء من أحد الباعة الذين يجلسون أمامه في الطرف الآخر من القاعة .. ولكن قدماك لا تطاوعانك على النهوض وحملك في ذلك المشوار الطويل ..

كانت القاعة قد امتلأت بالمنتظرين للمترو التالي. عندما استطاعت أخيرا أن تنهض على قدميها .. حملتها ساقاها فسارت باتجاهه .. ولكنها كانت ذات اللحظة التي اندفع فيها حشد المنتظرين باتجاه المترو التالي .. عشرون ثانية أو تزيد قليلا كانت كافية لهدوء الضوضاء وانحسار ذلك الحاجز البشري الذي فصلها عنه .. نظرت باتجاهه .. وكان المقعد فارغا.

2010/11/09

أبو مراد

كلنا دون استثناء ندين بالفضل ل ”أبو مراد“ ..

وأبو مراد هو سائق الباص الذي ينقلنا كل يوم من قريتنا إلى المدينة المجاورة ..

وأبو مراد يحفظ وجوهنا جميعا .. ويحفظ ليس فقط أسماءنا .. بل كل قصصنا التي نجود بها على بعضنا لنكسر ملل الطريق .. وبحفظ بعض أسرارنا التي يأتمنه كل منا عليها فيحفظها ويحافظ عليها في قرار صدره المكين ..

أبو مراد يعرف مثلا متى تكون ”سحر“ (مبسوطة) من ”ماجد“ زميلها في العمل .. فيفتح لها – بدون أن تطلب منه – الراديو على فيروز .. ومتى تكون سحر (شايفة الديك أرنب) فيرمقها بنظرة تفهم وتفاهم تعيد لها بعض ابتسامة ..

وأبو مراد يعرف مثلا أن ”الشيخ إحمد الحامد“ لا يفوت فرصة لتحويل أي حديث – بعد نشرة الأخبار التي يصر على أن نسمعها بمعيته من راديو البي بي سي – إلى خطبة دينية يسقعنا ويرقعنا فيها بالويل والثبور وعظائم الأمور إن لم نعمل جميعنا لإعادة دولة الخلافة التي أسقطها ”الإنكليز واليهود“ ..

أبو مراد سياسي ناجح .. يعرف كيف يسوسنا ويسايسنا ويستوعب جميع تناقضاتنا واختلافاتنا بنكتة من نكاته التي تجعل أغلبنا يقهقه وتجعل حتى الشيخ إحمد الحامد يبتسم ..

وذات يوم لم يأت أبو مراد لينقلنا كعادته إلى المدينة ..وقد جاء بدلا منه مراد ..

”الوالد تعبان شوية يا جماعة .. وإلى أن يقوم بالسلامة سأحل أنا محله ..و ..و ..و ..“

لم نستمع لكل ما قاله بعد ذلك ..

وفي مساء ذلك اليوم كنا جميعا في بيت ”أبو مراد“ لنطمئن عليه ..

حتى سحر كلفتني أن أنقل له سلامها وأطمئنها عليه في اليوم التالي ..

لم يستطع أبو مراد أن يرد على أسئلتنا لفرط تأثره .. لقد اكتفى بمحاولة الشد على أيدينا ونحن نسلم عليه وعيناه مغرورقتان بالدموع ..

ولأول مرة نرى الشيخ إحمد الحامد يفوت جلسة بلا كلام عن الخلافة الغائبة ..

2010/11/08

بداية ونهاية

رمتني وقاربي الأمواجُ على شاطئِ البحرِ .. كنتُ مجهَداً فرُحْتُ في إغفاءةٍ كإغماءةٍ .. وعندما أفقْتُ رأيتُ فوقَ رأسي شيخاً كلُّهُ جلالٌ ومهابةٌ ..

سألني مَنْ أنتَ فقلتُ عبدُ اللهِ .. سألني مَنْ أبوكَ فقلتُ عبدُ اللهِ .. سألني فمِمَّنْ أنتَ فقلتُ كلُّكمْ لآدمَ وآدمُ مِنْ ترابٍ ..

هزّ رأسَهُ وسكتَ برهةً

ثمَّ عادَ يسألُني ما علمُكَ فقلْتُ نفسي والقاربُ الذي يحْملُني والبحرُ الذي يحْملُهُ .. قالَ فكمْ تعْلمُ مِنْ ذلكَ كلِّهِ فقلتُ كما ترْجِعُ الإبرةِ مِنْ ماءِ البحرِ إذا أدْخلْتَها فيهِ .. فقالَ فإلى أينَ تذْهبُ قلتُ إلى لا مكانٍ وإنّما أنا أهْربُ مِنْ نهايةٍ أنا بالغُها لا محالةَ ..

مدَّ يديهِ فظننْتُهُ سيمْسحُ عنْ جبيني ما عَلِقَ بهِ مِنْ تعبٍ فأغْمضْتُ عينَيَّ .. وإذْ بي أسْمعُ صوتَهُ متلاشياً كصدى: لقدْ .. بلغْتَها .. يا .. بُنَيّ

2010/11/07

نشوء وارتقاء

كان جدي شيخ القرية وإمام المسجد الوحيد فيها ..

وكان طويل القامة ..

وكان أبي معلم العلوم في المدرسة الوحيدة للقرية ..

وكان متوسط القامة ..

أما أنا فقد أصبحت صاحب المقهى الوحيد في القرية .. وأبيع سرا – للبعض – المشروبات الروحية .. والحبوب المقوية للجنس – للجميع تقريبا – ..

وأنا .. قصير القامة طبعا

2010/10/10

الله يخلف ع التكنولوجيا

زمان .. قبل الفيسبوك .. وقبل الانترنت .. وقبل الاتصالات السلكية واللاسلكية كلها .. كان قيس الملوح (مجنون ليلى) يضطر يطرق مشوار لآخر الدنيا عشان يشوف ليلى .. أو يشمشم أخبارها ..

وكانت ليلى مش مضطرة تعمل إشي منشان قيس يدوب في دباديبها .. كان بيكفي إنها تقرص خدودها تا يصيرو حمر زي الفجلة وتتكحل بالمرواد وتفرك ايديها بشوية أزهار من الأزهار المتناثرة هون وهناك حوالين الغدير ..

وكان قيس مضطر يكون مخلص لليلى .. لأنه ما كان يقدر إلا إنه يكون مخلص .. فمش بالسهولة كان يقدر يوهم ستين سبعين بنت إنه ميت فيهن .. وكانت العملية راح تكلفه مصاري كثير كثير .. باقات ورد .. وقزايز عطر .. وقصائد طقع ..

حاليا وبعد ثورة الاتصالات والانترنت والفيس بوك صارت الشغلة كثير سهلة لقيس .. وهوي متبطح تحت الكندشن أو قدام المروحة بيقدر يشوف ليلى ويسمع صوتها عالماسنجر .. وبيقدر يعمل جوجلة لأي قصيدة حلوة ويقصقصها ويزبطها ويعمل منها ألف نسخة بعدد حبيباته .. وراس مالها كوبي بيست وسند .. ونفس الإشي بالنسبة لباقات الورد .. وقزايز العطر .. كله الكتروني .. ورد الكتروني .. وعطر الكتروني .. وقصائد الكترونية .. واللي مش عاجبها هاي بتعجبها هديك ..

حاليا صار قيس قيسات وليلى ليلات وبنفس القعدة بيقدر قيس يشبك مع ست سبع ليلات وكل وحدة فيهم بتفكر حالها عنجد ليلى العامرية ..

والله يخلف ع التكنولوجيا

2010/09/22

فنجان القهوة وطعمه الغريب

كان يمكن أن أكتب عن عطش الأرض لماء السماء .. وعن رائحة التراب المتلهف شوقا للمطر .. وعن فرحة الصغار والكبار بقطرات المطر الأولى في هذا الصباح الأيلولي الجميل ..

ولكن تلهفي لارتشاف فنجان قهوتي الصباحية كان أقوى .. فأجلت الكتابة ريثما أعد لنفسي غلاية من القهوة (أتمزمز) عليها وأنا أكتب .. ولكن منظر علبة القهوة فارغة صدمني فسارعت بارتداء عباءتي لأنزل إلى السوبرماركت القريب من البيت لأشتري لي وقية من القهوة ..

وزن لي أبو محمد وقية القهوة ولم ينس إضافة (التحويجة) التي يعرف جيدا مقدار حرصي عليها .. وبعد أن أحكم إغلاق الكيس الورقي باللاصق الشفاف ووضعه في كيس آخر شفاف من البلاستيك، وضعه أمامي قائلا: (275) ..

وكانت تلك الصدمة الثانية التي أصاب بها بعد صدمتي الأولى بمنظر علبة القهوة الفارغة .. (275 شو؟) سألت أبا محمد وقد تجسدت على وجهي كل علامات البؤس والاندهاش والمواطنة الصالحة ..

(275 شو يعني؟)

رد أبو محمد على سؤالي بسؤال .. ففهمت أن سؤالي كان سؤالا غبيا ..

وعدت إلى البيت .. وأعددت قهوتي .. ولكن طعمها هذه المرة كان مختلطا بالكثير من مرارة الطحن والانسحاق ..

ترى .. هل يحس أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة بهذا الطعم الذي أحس به الآن؟

2010/09/14

الهواء الذي أتنفسه ليس لك

لا أحب التدخين .. وأهرب من أي مكان فيه مدخنون أو أي أثر لدخان سجائرهم مهما كان قليلا .. وانتصرت على بعض (النزوات التدخينية) لأبي عمر بعد أن أشهرت في وجهه سيف التهديد: أنا أو السيجارة .. ويبدو أن تهديداتي قد ثنته فعلا عن التدخين لأنه (حسبها) فوجد كلفة (اقتنائي) وتكلفة (الخدمات التي أقدمها له ولعمر) أقل كثيرا من كلفة شراء الوجبات الجاهزة وإرسال ملابسه وملابس عمر للغسيل والكوي واضطراره لتحضير الشاي والقهوة وجلي الابريق والكاسات والملعقة .. فانتصر حرصه على حبه الفتي للسيجارة فانتصرت في معركة التخيير والاختيار .. وكانت تلك هي المعركة الوحيدة التي انتصرت فيها على أبي عمر أو بالأحرى نصرني فيها أبو عمر على نفسه.

وقد تسبب كرهي للتدخين ورائحة الدخان بخسارات اجتماعية متعددة .. فالكثيرات من الجارات (اختصرنني) من حضور جلساتهن التي لا بد أن تترافق فيها رشفات القهوة أو الشاي مع مجات من سجائرهن .. كما أرحنني من زياراتهن الطويلة واقتصرت إطلالاتهن على بيتي عندما يحتجن راسين بصل أو راس ثومة أو رغيفين خبز للعشاء لأن عندهم ضيوف ويخشين عدم كفاية (الخبزات) ..

والغريب أن الصور المقززة والمثيرة للرعب التي أجبرت شركات الدخان على وضعها على علب السجائر لم تحرك شعرة واحدة من حاملي تلك العلب والغريب أيضا أن المدخنين يستقبلون كل عملية رفع لأسعار السجائر باتهامات للحكومة بأنها تنوي الاغتناء من جيوب المدخنين .. والأغرب أن بعض المدخنين من ذوي الدخل المتدني يعتبر تأمين السيجارة التي يسلطن عليها أكثر أهمية من تأمين رغيف الخبز أو ملابس العيد أو ثمن قرطاسية الأولاد في بداية كل فصل دراسي ..

أما إذا ما ارتفع صوت أحد الركاب (في الباصات التي يكدسون فيها الركاب كالسردين) بالشكوى من عدم قدرته على التنفس بسبب دخان السجائر، فسرعان ما (يجحره) السائق والكونترول وبعض فاعلي الخير من الركاب بنظرات تكفي لإصابته بالسكتة أو الجلطة أو الشلل النصفي وربما تبرع أحدهم بنصيحة توبيخية ساخرة: (نعم يا حبيبي؟ مش عاجبك انزل من الباص وخدلك تكسي يا روح ماما!). وطبعا يضطر المشتكي إلى الإعتراف بأن (الشكوى لغير الله مذلة) وربما يقتنع بأنه كان دلوعا أكثر مما يجب عندما لم يتحمل (شوية دخان خفيفات لطيفات كالنسيم العليل!) ..

أيها المدخن .. إذا كنت لا تريد أن ترحم نفسك من التدخين وأضراره فأنت حر .. ولكنك لست حرا - أبدا - في إجباري على الإصابة بالأمراض المترتبة على التدخين .. ولا على تحمل رائحته وقرفه لمجرد أن حضرتك (جاي على بالك سيجارة). فالهواء الذي أتنفسه ليس لك

مع فائق الاحترام والتقدير

2010/09/11

عيد سعيد

”عيدٌ سعيدْ“

قالتْ، وعيناها تغالب دمعتينِ، وتهربانٍ إلى البعيدْ

وأجبتها: ”عيدٌ سعيدْ“

وجلسْتُ، أبحثُ بين ورداتٍ رُسِمْنَ على الجدارِ عنِ اليدِ الرَسَمَتْ هنالك وردتينِ على جليدْ

سَكَتَتْ، سَكَتُّ، وكانت الكنباتُ صامتةً، وعصفورٌ على الشّبّاكِ يرمقنا بحزنٍ لا يحيدْ

قالت: ”هنا كانتْ تزقزقُ، قبل أنْ ..“

سَكَتَتْ، سَكَتُّ، وغمغمتْ شفتايَ: ”يا أللهْ“

ثم انطلقتُ وقد ذُبِحْتُ من الوريدِ إلى الوريدْ

2010/09/10

نعم يختي

عندما قلت (لأبو عمر) أنني أرغب في الذهاب إلى محترف رمال لحضور أمسية بمناسبة مرور سنة على تأسيس الملتقى الأدبي، نظر إلي من فوق زجاج عدسات نظاراته وعلى شفتيه ابتسامة قائلا: نعم يختي؟

ثمة تعبيرات في الحياة الزوجية ذات دلالة محددة .. تستغربها الزوجة في البداية ولكنها مع كر الأيام وفرها تعتادها وتفهم بالضبط معانيها ودلالاتها ومن تلك التعبيرات ما يقوله الزوج عادة من فوق عدسات نظاراته وعلى شفتيه ابتسامة: نعم يختي ..؟

وطبعا لا تظهر علامات الاستفهام الثلاثة أو أكثر في التعبيرات اللفظية غير المكتوبة .. ولكن الابتسامة المرافقة كموسيقى تصويرية تأخذ مكان تلك العلامات .. وتفهم الزوجة بما لا يقبل الشك أن سي السيد نطق القرار وإن لم تنطق به شفتاه .. والقرار هو الرفض بالطبع .. وعلى الأغلب لن يجدي أي نقاش بعد هذه ال نعم يختي .. ولن تفيد أي من الأسلحة الأنثوية في تغييرها .. كما لن تفيد تأكيدات الزوجة أن هناك فتيات ونساء سيحضرن الأمسية .. ولا أن الشباب الذين سيتواجدون في الأمسية هم كيوسف حياءً وتهذيبا وأدبا .. ولن تنفع استجداءات الزوجة للزوج بمرافقتها كمحرم في مقابل السماح لها بالحضور .. كل ما سينفع في تلك الحالة هو اقتناع الزوجة بأن حضور هذه الأمسيات هو ترف لا داعي له في ظل الظروف والتحديات التي تمر بها أمتنا .. وقد يفيدها فنجان من القهوة قد يكون مترافقا مع سيجارة زعل ..

وكل عام والملتقى الأدبي بألف خير

2010/09/05

بين الإبداع والإبتداع

أنا امرأة تحب الشعر كثيراً .. وأزعم أنني أحفظ الكثير منه .. وبلغ مني حب الشعر أنني أستطيع اكتشاف الأبيات المكسورة سماعيا دون الحاجة إلى تقطيعها باستخدام الورقة والقلم ..

ولحبي للشعر فقد لفت انتباهي ما ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى: ”الشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون“ ..

ولما كان القرآن كلام الله المنزل على نبيه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فقد اجتهدت في محاولة التوفيق بين حبي للشعر وإيماني المطلق بالله ونبيه وكتابه .. وتوصلت إلى ما قد يكون توصل إليه غيري .. من أن الآيات المذكورة ليست تقريرا لواقع أو حقيقة تنطبق على كل الشعراء بقدر ما هي توجيه رباني للشعراء بأن يجتنبوا الصفات التي ذمتها الآيات واعتبرتها نقيصة في الشعر والشاعر ..

ومن ذلك أن يصف الشاعر نفسه في مجال التفاخر أو المدح بصفات لا تجوز إلا لله أو لنبي .. كأن يقول لمحبوبته مثلا (يا معبودتي) .. أو (يا خالقتي) .. أو كأن يقول لها بأن جمالها (ليس له كفوا أحد) .. أو يدعي أنه سيصنع لها أو معها (جنة عرضها السموات والأرض أعدت للعاشقين) .. أو أن يمدح زعيما أو شاعرا أو فيلسوفا أو رجلا ذو سلطة ونفوذ بأنه (نبي هذا الزمان) .. أو بـ (الملهم) .. والأمثلة على ذلك كثيرة لا حصر لها ولا عد ..

والمصيبة لا تقف عند هذا الحد .. فهو إن ذهبت تنصحه بالتوقف عن ذلك اتهمك بأنك لا تفهم بالإبداع .. وبأنك تحاربه غيرة وحسدا وحقدا .. ولا مانع عنده من استخدام عبارات وكلمات الاستهزاء والتهكم منك ومما تقول .. فأنت (ذو نظرة مشايخية) .. وأنت دون مستوى فهم عمق كلامه وتعبيراته .. وأنت لا مكان لك في عصر النور والتنور لأنك ظلامي لا تفهم بالمجاز ولا تتقنه ..

ترى .. ألا ينطبق على هؤلاء قوله تعالى: ”وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم“؟

إذا أنت لم تقرأ

إذا أنت لم تقرأ من البحر صمتهُ

فلا أنت غواصٌ ولا أنت راكبُهْ

ولا أنت صياد اللآلي بقعرهِ

ولا يقهر الأمواج من هو هائبُهْ

أعيذك بالفرقان أن تهجر النهى

وتكتب شعراً لا يفاخر كاتبُهْ

أعيذك أن تلقى إلهك غاضباً

عليك وتشقى بالضلال تصاحبُهْ

فما زادك الإيمان إلا نضارةً

وما أبشع الإنسان حين يغاضبُهْ

أتوب إلى ربي فإنْ أنت صاحبي

تتوب لربٍّ لا يجافيه تائبُهْ

وتحثو على شعر الضلالة تربةً

وتكتب شعراً لا يكدَّر شاربُهْ

2010/08/30

كل رمضان والتجار فقط بخير

لا أذيع سراً عندما أقول بأن معظم الزوجات لا يفضلن وجود أزواجهن معهن بينما يقمن بالتسوق وشراء حاجيات البيت. والسبب بسيط جدا وليس له علاقة كما قد يخطر ببال القارئ للوهلة الأولى بالفكرة المشاعة عن إسراف النساء في مقابل (اقتصاد) الرجال .. ولكن لأن الرجال يحلو لهم التدخل بطريقة (إنتي شو بيفهمك) و (أنا الرجال واللي بدي اياه هو اللي لازم يصير) مع كل شيئ تمتد إليه يد الزوجة لتتناوله من على الرف وتضعه في سلة المشتريات ..

والنتيجة النهائية لمثل تلك التدخلات هي إما العودة إلى البيت بمشتريات تختلف تماما عن الإحتياجات الحقيقية للبيت نوعاً وكماً .. وإما جدالات حامية الوطيس تسترعي انتباه البائعين والمتسوقين الآخرين. ولما كانت كلمة الرجل (مش لازم تنزل ع الأرض) فغالبا ما تكون النتيجة الأولى لا الثانية ..

ما يحدث في أسواقنا في كل رمضان بين التجار والمستهلكين شيئ شبيه تماما بما يحدث بين الأزواج وزوجاتهم عند كل تسوق .. فدائما يرفع التجار أسعار كل شيئ .. ودائما ترتفع أصوات المستهلكين عبثا بالصراخ من أوجاع الغلاء ويضطرون إلى الرضوخ غلبا وضعفا إلى رغبات التجار وقراراتهم التي لا تجد رادعا لا من دين ولا من ضمير ولا من حكومة تقول للأعور أنه أعور بعينه ..

وكل رمضان والتجار (فقط) بخير

2010/08/22

جزاء سنمار

أراد النعمان ملك الحيرة أن يبني قصراً يفتخر به على العرب، ووقع اختيار النعمان على مهندس رومي يدعى سنمار لتصميم وبناء هذا القصر.

استدعى النعمان سنمار وكلفه ببناء القصر. ويقولون إن سنمار استغرق في بناء هذا القصر عشرين سنة. ولما انتهى سنمار من بناء القصر، وكانت الناس تمر به وتعجب من حسنه وبهائه جاء النعمان ليعاين البناء. ثم بعد محادثة قصيرة مع سنمار، أمر رجاله بإلقاء سنمار من أعلى القصر فسقط سنمار جثة هامدة. ويزعم كتاب السير أن سنمار قال للنعمان: أما والله لو شئت حين بنيته جعلته يدور مع الشمس حيث دارت. فسأله النعمان: إنك لتحسن أن تبني أجمل من هذا؟ ثم أمر برميه من أعلى القصر. ويقولون أن سنمار قال له: إني أعرف موضع آجرة - يعني حجرة أو طوبة - لو زالت انقض القصر من أساسه! فقال له: أيعرفها أحد غيرك؟ قال: لا. قال: لأدعنها وما يعرفها أحد فأمر به فقذف به من أعلى القصر فقضى. وأياً كان السبب فهذا هو جزاء المعروف عند هذا الملك.

يتعامل الكثير من الرجال مع زوجاتهم تعامل ذلك الملك مع ذلك المهندس. فبعد أن تفني الزوجة عمرها وتذبل زهرة شبابها في خدمة الزوج وتربية أولاده تفاجأ بزوجها وقد أحضر لها من عالم الغيب ضرة لا تتقن من أمور الدنيا إلا الدلع والغنج، لتسطو على قلب الزوج وماله ولا تبقي للزوجة الأولى التي بنت حياة الزوج وهندستها سوى الآلام والمرارة.

ترى، كم امرأة في مجتمعنا لاقت أو ستلاقي من زوجها جزاء سنمار؟

2010/08/21

الوردة الوحيدة

في نفس الموعد من كل صباح كانت الوردة تترقب مروره ..

وكانت تستبق مروره بتزيين نفسها وتعطير الجو ..

وكانت تستطيع دائما أن تجبره على التوقف قليلا ليداعب صفحة وجههابأنامله

في ذلك الصباح لاحظت قلقه واضطراب يده عندما امتدت لمداعبتها كالعادة

لم تكن تتوقع ما حصل

فقد حدث كل شيء بسرعة

قطفها

ووضعها بين دفتي كتاب كان يحمله

لم تصدق ما حدث

أيعقل هذا

هل بلغ به حبها إلى أن يستأثر بها لنفسه؟

كم كانت سعيدة

وكم داعبتها أحلام لم تكن أبدا تظن أنها قادرة على مجرد تخيلها ..

”صباح الخير يا عزيزتي“

قال الرجل للفتاة التي كانت تجلس على درج مبنى المكتبة ..

”اقبلي مني هذه الوردة .. أليست جميلة؟ أتمنىأن تنال إعجابك“

”آآآآآه ..

هكذا إذن؟

لم يكن إعجابا بي لذاتي“

فكرت الوردة

”كل ما استطعت إذن أن أكونه هو أن يهديني لهذه الفتاة الجميلةليخطب ودها“

ولكن الفتاة الجميلة في الواقع كانت تنتظر شخصا آخر ..

وكان ذلك الآخر يحمل باقة ورد .. باهرة الجمال ..

قفزت الفتاة مسرورة بالباقة ..

وحملتها

وأخذت ترقص في أرجاء المكان ..

وبقيت الوردة الوحيدة ..

تنتظر ربما عاشقا آخر يهديها إلى حبيبة لا تنتظر عاشقا يحمل باقة ورد

2010/08/16

عزومة رمضانية

وأخيراً قررنا أن نعمل العزومة .. مهو اللي عليك عليك .. ولا بد مما ليس منه بد .. عملنا الحسابات الضرورية .. وراح أبو عمر اشترى الأغراض اللازمة من لحوم وخضروات وفواكه وخلافه ..

لهون الأمر عادي والله .. وشمرت عن ايدي من الصبح وبلشت لقبل الأذان بإشي بسيط .. وبلشوا المعازيم يشرفوا .. إجا أبوه لأبو عمر (= حماي = عمي) وأمه لأبو عمر (= حماتي = عمتي = حبيبتي) وإجو اخوان أبو عمر ونسوانهم وولادهم وإجت أخته وجوزها وولادها .. طبعا مدخل البيت تعبا كنادر .. لهون الأمر عادي والله .. المهم .. إجو واتصفطوا وما حدا من النساوين مد إيده يساعدني بإشي .. يا سيدي عادي والله .. بلشت أجهز بالسفرة .. طبعا سفرتين مش سفرة وحدة .. الزلام ع طاولة السفرة والنسوان والزغار فرشنالهم أرضي ..وفجأة ما شفت إلا أبو عمر ناطط عالسريع .. وين يا أبو عمر؟ قال بدي أروح أجيب بيبسي دايت لمرت جلال .. ما بتشرب إلا دايت .. صفنت .. من إيمتى مرت جلال ما بتشرب إلا دايت؟ طب مهي من يوم ما عرفناها ما بتشرب كاسة الشاي إلا معرمة سكر؟ .. ما علينا .. شوي ما شفت إلا عمر ناطط ركاض .. وين رايح ماما؟ قال ماما عمو بدو اياني اروح أطمن عالسيارات لا حدا من الأولاد يقرب عليهن .. لهون الأمر شبه عادي .. ما علينا ..

خلصت تجهيز السفرتين .. لحالي والله .. والنساوين كلياتهن مسفطات .. وأخيرا أذن المغرب .. يالله تفضلوا يا جماعة .. قال لأ أنو نتفضل؟ لازم نصلي المغرب أول .. جيبولنا مصليات بدنا نصلي

.. يا حبيبي! .. وين بدهم يصلوا هدول كلهم؟ قال بنصلي في غرفة النوم الكبيرة .. أهلااااااااااااااااا .. طيب دقيقة بس خلوني أجهزلكم اياها يا جماعة .. فتت .. ضبضبت اللي قدرت أضبضبه .. ويالله تفضلوا عشان تصلوا .. فاتوا .. وشوي ما سمعت إلا صوت أثاث بيتسحب عالبلاط .. وأتاريهم بيسحبوا التخت منشان يعملوا مكان .. ما علينا .. مش مهم .. أكيد رح يرجعوا الوضع زي ما كان ..

المهم صلوا وخلصوا .. وشرفوا عالسفرة .. قدمي يا أم عمر لهاد خبز .. وهاي بدها مي .. وحماكي وحماتك اللحمة كبيرة عليهم قسميلهم اللحمة شقف زغيرة .. وهاد الأمور الزغير بده الرضعة قومي سخنيله الميات منشان ما يضل صارعنا بصراخه ..

الحمد لله .. خلص الفطور .. طبعا مش مهم إني أنا شخصيا ما أكلت .. وما حدا أصلا انتبه إني ما أكلت .. قمت زي التلميذة الشاطرة وضبضبت السفرة وعالمجلى يا أم عمر .. إنو حدا من النساوين تهز حالها؟ مش عيب؟ وفجأة وأنا في عز دين الجلي سمعت صوت طرااااااااخ .. رحت أركض لقيت الولاد موقعين قوارة الزريعة والتراب الأحمر عالسجادة! عادي يا جماعة ولا يهمكم كله بيتنضف .. مش أبو عمر جابلي مكنسة كهربا؟ .. جلال نعس وبده يريح شوي .. تفضل جلال ع غرفة النوم .. وبين قطايف وبين شاي وبين رمضان معنا أحلا وبين جزيرة وأخبار ومش عارف شو ..

وأخيرا تثاوب أبوه لأبو عمر (حماي = عمي) دايمة يا جماعة .. والله ما بيصير خلينا متآنسين؟ لأ حصلت خلص بدنا نلحق باب الحارة بالبيت

وأخيرا تنفست الصعداء متل ما بيقولوا بالنحوي ..

لكن لاااااااااااااااا .. أنو صعداء هاي؟ دقيقة الا جرس الباب بيرن وابن الجيران بيلهث .. بابا بيقولكم ضيوفكم كاسرين ضو السيارة تبعتنا .. نزل أبو عمر .. وطبعا دق على صدره انو يصلح الضو المكسور عحسابه .. وتسهلوا المعازيم ..

أم عمر - مستشفى الرشيد للأمراض النفسية والعصبية

أم علي

أم علي .. جارتنا العزيزة اللزيزة .. لا يمكن أن يمر يوم دون أن تكون مادة طازجة للحديث بين الجارات .. فهي، ولله الحمد، قادرة على أن تكون بتصرفاتها مصدر إزعاج للشرق الأوسط بكامله لا لحارة صغيرة مثل حارتنا ..

فمرات تدب فيها الهمة فتشطف البيت غرفة غرفة، بل وتشطف سطح بيتها كذلك، وكلا المائين، ماء شطف غرف البيت وماء شطف السطح، تصر على أن تستمتع بهما الزاروبة التي تشكل المدخل الوحيد لها ولنا ولسكان الحارة جميعاً .. فنمشي عائدين مساءً إلى بيوتنا ويد واحدنا ترفع أطراف ثيابه لكي لا يطالها بلل من نهر الماء المصوبن، ويده الأخرى تحاول غلق أنفه في محاولة للهروب من الروائح العابقة ..

ومرات تشفق على أبي علي من أن يتعب في حمل أكياس الزبالة من بيتها إلى الحاوية القريبة الموجودة على الشارع الرئيسي أسفل الدرج المؤدي إلى حارتنا .. فتضعها على مدخل العمارة هدية لسكان العمارة وزوارهم ..

ومرات تتفاعل مع أزمة الغلاء فتوفر ثمن أكياس الزبالة السوداء وتضع نفاياتها في أكياس بلاستيكية صغيرة رقيقة لا تصمد أمام مخالب قط رضيع .. وسرعان ما نجد محتوياتها متناثرة هنا وهناك كمعلم سياحي جميل يميز حارتنا العريقة ..

أم علي العزيزة: طبعا لن أقول لك إن ما تفعلينه لا سمح الله يشكل مكرهة صحية قد تسبب انتشار الأمراض والأوبئة .. ولن أقول لك إن هذه التصرفات تعتبر إهانة وقلة تقدير للآخرين .. ولن أقول لك إن شكل الحارة ورائحتها وسمعتها قد تصبح لا سمح الله على كل لسان .. ولكنني أقول لك إنني (بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن كل جاراتك المحبات لك والمبغضات .. الراضيات والكارهات) .. أتبرع بأن أشتغل لك عاملة نظافة .. بشكل يومي .. ومجانا ..

فقط إرحمينا من هداياك الجميلة هذه يرحمنا ويرحمك الله

2010/08/13

الحق على مين

على الرغم من أننا في رمضان .. شهر الصوم والغفران .. إلا أن القنوات الفضائية، وبالأخص منها العربية، تصر أن تستثمر هذا الشهر باعتباره فرصة لا تعوض لزيادة الإيرادات، عن طريق استجلاب الكثير من الدعايات والاعلانات، والأفلام والمسلسلات، والبرامج المتخصصة بالمأكولات والمشروبات.

وبدلا من أن يعيش الصائمون والصائمات أجواء رمضانية إيمانية يسودها الخشوع، إلا أن النتيجة المتحققة هي شعورهم بالمزيد من الجوع.

فمن فتافيت، القناة التي لا هم لها إلا البطون، إلى كل القنوات، التي حرصت على التعاقد مع أشهر الشيفات، ومن الحديث عن أطيب الوجبات إلى الحديث عن أشهى المقبلات إلى الحديث عن ألذ الحلويات يتنقل الصائمون والصائمات.

وما أن ينتهي أذان المغرب حتى تتحول القنوات من مطابخ إلى مسابح أو مسارح .. فتعرض بدلا من الشيفات كما هائلا من المذيعات والممثلات والراقصات اللواتي يتنافسن في عرض الأزياء التي تكشف من الأجساد أكثر مما تستر ..

وفي الوقت الذي يضع المشاهد الحق على المسؤولين عن القنوات الفضائية، يدافع المسؤولون عن القنوات الفضائية بقولهم إن الحق على المشاهد. لأن القنوات الفضائية هي بالنهاية تجارة، ولأن التجارة شطارة، فهم مضطرون لأن يقدمون للمشاهد ما يرغب بمشاهدته.

ويبقى السؤال قائما .. الحق على مين؟

2010/08/12

نتوفة

النتوفة هي تصغير النتفة .. أما النتفة فهي القليل من الشيء .. فإذا قال عمر لي مثلا ”يا ماما ممكن آخد نتفة من البوظة تبعتك“ فهذا معناه أنه يطلب مني أن أعطيه القليل منها .. أما إذا قال لي ”يا ماما ممكن آخد نتوفة“ فهذا معناه أنه يطلب مني أن أعطيه أقل من القليل ..

والحيلة هنا هي أن قلب الأم سيرق أكثر للطفل عندما يطلب النتوفة مما كان سيرق له لو طلب النتفة .. فأعطيه ما هو أكثر من النتفة .. ومن غير المستبعد أن أعطيه البوظة كلها وأراقبه وهو يفترسها مستمتعا بصيده الثمين بينما أمصمص شفتي وأتلمظ ..

نفس الحيلة يستخدمها معي أبو عمر .. فهو رغم أوامر الطبيب له باجتناب السكر في طعامه وشرابه إلا أنه يتحايل على ذلك معي بنفس طريقة عمر .. فهو بعد أن يشف من كاسة الشاي نتفة يزم كل عضلات وجهه ليقنعني أنه متضايق جدا من مرارة الشاي ويسترحمني أن أحط له نتفة سكر فأذكره بأوامر الطبيب فيقول ”ولااااااااااااااااااو هلأ أنا شو طالب منك؟ كلها نتوفة سكر“ .. فيرق قلبي له فأضع في كاسته نتفة .. ولا يزال بي يطلب نتوفة فنتوفة من السكر حتى ننتهي بكاسة شاي خريم وآخر حلاوة ..

الحكومة الفهمانة عليها أن تتعلم الدرس جيدا من عمر وأبي عمر .. فإذا ما أرادت أن ترفع سعر سلعة من السلع بنسبة مائة بالمائة مثلا يجب أن توزع هذه النسبة إلى عدد من النتوفات .. وكلما زاد عدد النتوفات سيسهل عليها أن تضحك علينا ملء فيها عندما نجد أنفسنا بعد فترة وجيزة وقد تلبسنا الزيادة بالتمام والكمال ونحن منشكحون انشكاح من لم ينشكح في حياته من قبل قَطّ

2010/08/11

من برا هالله هالله

قال بيقولوا النسوان مظلومين بمجتمعاتنا .. كذب وافتراء. احنا مجتمع كل رجاله نسونجيين ..

في المول مثلا .. اذا اجت وحدة بدها تشتري بيلتعن سنسفيل ابو الدور والنظام كرمالها .. والله لا يقيم عشرين زلمة واقفين عالدور.

واذا وحدة طلعت بالباص بيصير الكل يتضبضب عشان البنت تقعد جنبه ..

واذا مثلا البنت اتدايقت من ريحة الدخان الكل بيهب في اللي معاه سيجارة وبيشلو امله: يا أخي مش قادر تصبر بلا دخان عبين ما تنزل؟ أي دخيل ألله .. كلها نص ساعة. ذبحتنا بدخانك! واول ما تنزل البنت من الباص الكل بيطول سيجارة وبيولعها.

وعشان فكركم ما يروح لبعيد النسوان في مجتمعنا مش عايشين بنعيم .. لأنو إحنا زلامنا بوجهين .. مع القريبة بوجه ومع الغريبة بوجه ثاني .. برا زوء وأدب ولطافة وجوا شخط وتبويز وصياح عالفاضي والمليان ..

أول كانت البنت تنحرم من التعليم وهلأ بنعلمها عشان ناخد راتبها وبنتركلها منه نتفة لزوم الفستان والكندرة والمكياج ..

أول كانت البنت ممنوع تظل بعد ال17 بلا زواج وهلأ بنقول مهل عليها خليها شوي تساعد بمصاريف اخوانها وخواتها الصغار ..

المشكلة والمصيبة انو احنا بنعمل كل هاي الأشياء وبنبررها بالدين .. والحقيقة إحنا ويييييييييييييييييين والدين وين!

وبننسى ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ..

وبننسى رفقا بالقوارير ..

وبننسى خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ..

يا ألله قديش بننسى .. اللي بدنا ننساه .. وبس!

2010/08/10

رمضان كريم

من غير يمين احنا العرب شعب غير شكل. والدليل انو رمضان عنا بلش من قبل ما يبلش. وتأثير الصيام علينا بلش من قبل ما نصوم.

بدكم دليل؟ طيب عدوا على أصابعكم.

أولا أسعار كل المواد التموينية اللي في السوق شاطت بتناسب طردي مع اقتراب رمضان وبتناسب طردي مع درجة الحرارة. على سبيل المثال سعر كيس الثوم اللي كان بربع ليرة فجأة نط لليرة وربع والحبل عالجرار.

والدليل الثاني انو الحكومة من قبل رمضان بلشت تحضر الناس على التفرغ للعبادة والخشوع فمنعت موظفين الدولة من الوصول لكل المواقع الاخبارية عالانترنت عشان الموظفين ما ينشغل بالهم بأي شي غير التسبيح والتهليل وذكر الله.

ومن ضمن المواقع اللي شملها المنع موقع تنفيس. الحق عليك يا كامل .. يعني كان لازم تسميه موقع اخباري؟ مش لو سميته ”هشك بشك“ او ”عالدقة والنص رقصني“ كان ما شملوه بالمنع؟ الله يسامحك ع هالعملة!

ومن ضمن الأدلة انو بقدرة قادر رح يطلع جزء خامس من ”باب الحارة“ وبقدرة قادر رح يرجع ”ابو عصام“ للحياة ويمكن كمان يرجع ”ابو شهاب“ وبالمرة يمكن يرجع الدعشري.

ومن ضمن الأدلة كمان ..

ولا أقولكم؟ بيكفي أدلة. أصلاتن هيه واضحة زي الشمس في رابعة النهار ومش بحاجة لأي دليل .. إحنا شعب فاخر من الآخر. وبيكفي انو شاعرنا من قبل اكثر من الف وخمسمية سنة جعط جعطة خلت كل الناس التانية من يومها ليوم الدين مبهورين ومشدوهين لما قال:

إذا بلغ الفطام لنا رضيعٌ تخر له الجبابر ساجدينا

مش بقولكم احنا شعب غير شكل؟

2010/03/11

أحلام يقظة

أفاق من نومه متفائلا ..

”اليوم ستنتهي شهور الصمت والقطيعة والجفاء .. أنا متأكد من أنها تنتظر هذا اليوم منذ مدة لكي تتخذ من المناسبة حجة لوصل ما انقطع“ ..

انتصف النهار ولم يحدث شيء ..

وعند العصر سمع رنة رسالة قصيرة من موبايله ..

”لا بد أنها هي“ ..

بلهفة واستعجال فتح الرسالة .. ولكنها كانت رسالة غبية يعرض مرسلوها رنات للخلوي بصوت المطربة فلانة مقابل أربعين قرشا للدقيقة الواحدة ..

انتهى دوامه وعاد إلى البيت ..

”ستتصل الآن لتسألني ممازحة إن كان غدائي خبيزة“ ..

ابتلع لقيمات وأعاد صينية الأكل إلى المطبخ ..

حل الظلام فأضاء المكان الذي هو فيه وفتح النافذة لتعرف أنه موجود وأنه بالانتظار ..

كانت غرفتها مضاءة ونافذتها مفتوحة وكان يراها من وراء الستائر تتحرك في غرفتها ..

”لا بد أنها مشغولة الآن وعندما تفرغ سيحدث نوع من الإتصال .. مهما كان أنا موافق ولكن لتنته شهور الصمت والقطيعة والجفاء“ ..

في الساعة العاشرة والنصف أطفأت أنوار غرفتها ..

ولكنه لم يطفئ شيئا وأبقى النافذة مفتوحة ..

”فلعلها تفيق من نومها وترى النافذة والنور المضاء وتتذكر“.

2010/03/08

لماذا وقع العجين

كنا، أختي وأنا، نأخذ العجين إلى الخباز .. ولأننا صغار .. فقد كانت أمي تقسم أقراص العجين على سدرين مناصفة بيني وبين أختي ..

في المخبز كان هناك دائما رجلان .. شاب وختيار .. أما الشاب فكان اسمه إبراهيم .. وأما الختيار فكان اسمه موسى .. ولا نزال أنا وأختي نتذكر فرن إبراهيم وموسى كلما قرأنا في القرآن عن صحف إبراهيم وموسى ..

كان إبراهيم شابا سمينا طويلا أبيض اللون أحمر الوجه عبوسا دائم الصمت .. ربما لقربه من بيت النار .. أما موسى فكان ختيارا ضئيل الجسم مائلا إلى السمار وكان دائم الشتائم والتكفير والضحك ..

كان بيتنا على تلة أما الفرن فكان (تحت) في السوق ..وكان طريقنا إلى الخباز (حبلة) .. أي أنه كان نزولا من البيت إلى الفرن .. وصعودا من الفرن إلى البيت .. وكان ترابيا مع وجود صخرة كنا نعتبرها في ذلك الوقت عالية فكنا نقفز من عليها نزولا أو نتسلقها صعودا ..

وفي إحدى المرات – ولسبب ما – لم أنتبه للصخرة فتعثرت ووقعت .. ووقع سدر العجين الذي كان على رأسي .. فجلست على التراب أبكي خوفا من أن يضربني أبي .. فكل ما كانت ستفعله أمي هو أن تصنع سدر عجين جديدا .. وهذا ما حدث ..

وعلى أي حال فإن سبب قلقي الأهم والأكبر كان ”فتحية“ صديقة أختي وزميلتها في المدرسة .. فقد كان بيتها في منتصف الحبلة قريبا من مكان تلك الصخرة .. وكان كل همي أن لا تكون ”فتحية“ قد رأت ما حدث .. وبقيت بعدها وقتا طويلا وأنا أسأل أختي من وقت لآخر إن كانت ”فتحية“ قد (جابت لها سيرة) أنها شاهدت تلك الحادثة .. ولم أتوقف إلا بعد أن سألتني أختي بابتسامة ماكرة تحاول أن تخفيها:

”إنتي ليش بتظلك تسأل؟“

2010/03/05

الشورت الأحمر

لم تكن علاقتي بالوزات الثلاث علاقة ودية قط .. فكن كلما رأينني يستفززن ويركبهن ألف عفريت ..

وكان مكاني المفضل زاوية التقاء جدارين ارتفاع أحدهما يسمح لي بالاتكاء عليه والوقوف وقتا طويلا أراقب الطريق الرئيسي الذي يشق بلدتنا من الشرق إلى الغرب .. في حين كان ارتفاع الآخر الذي على يساري كافيا لإخفاء كل أعمال الولدنة التي أقوم بها عن أعين الجميع .. أما جهتا اليمين والخلف فقد كانتا شبه مسدودتين تماما بجذع شجرة التين الكبيرة والتي كان ظلها يحيل تلك الزاوية إلى محمية من محمياتي الطبيعية صيفا وشتاءا ..

في ذلك المكان بالضبط استفردت الوزات الثلاث بي .. وسرعان ما نزلت العفاريت من السماء أو انشقت عنها الأرض .. لا أدري ..

كان الشورت الأحمر الذي ألبسه بمثابة الوشاح الذي يستعمله الميتادور لاستفزاز ثيران المصارعة ..

لم يكن لي أي مهرب .. فقد هاجمنني من الجهتين الوحيدتين التين كان يمكن أن تكونان مهربي .. فتجمدت مكاني تنهشني مناقيرهن المسننة كالمناشير ..

وكانت نتيجة تلك (المواجهة) سيقانا مثخنة بالجراح وبنطالا ممزقا وحرماني من مكاني المفضل إلى أن اختفت الوزات الثلاث .. وكم كنت بذلك سعيدا

2010/03/04

بيولوجي – خمس قصص قصيرة جدا

كان خلفها .. وكانت تعلم أنه خلفها .. فقد كانت تحس بلسعات نظرات عينيه تتنقل في كامل مساحة خارطة الـ .. وطن ..

* * * * * * *

حركت رأسها يمنة ويسرة لكي تحرر شعرها الطويل من إساره .. فعبق جو المسافة الفاصلة بينهما برائحة الـ أنوثة الـ مستبدة

* * * * * * *

- ”بحبك“

- ”ن ن ن ن ن ن نعم؟“

- ”بقلك بحبك“

- ”مش سامع“

- ”مبلا سامع“

- ”مش سامع“

- ”بقلك بحبااااااااااااااااااااااااااااااااااااك“

* * * * * * *

أمسك فنجان القهوة ووضعه على شفتيها .. وبكل (براءة) لمست رؤوس أصابعه (صدفة) صفحة خدها الأسيل .. فارتعشت القهوة.

* * * * * * *

كان لقبلتهما طعم .. أقسم كلاهما أن لتلك القبلة طعما .. طعم لا يشبه أبدا أي طعم آخر ذاقه أي منهما في حياته.

2010/03/01

ماذا لو؟

بسرعة انتشار النار في الهشيم انتشر الخبر ..

”هل سمعتم؟“

”يقال أنه (والعياذ بالله) انتحر!“

”لا أعتقد أنه انتحر .. هو أجبن من أن ينتحر .. قلبه ضعيف ولم يتحمل .. فكان ما كان ..“

”يا إخوان .. لا يجوز على الميت سوى الرحمة .. ترحموا عليه!“

”إذا كان صحيحا أنه انتحر فلا يجوز أن نترحم عليه .. المنتحرون يخلدون في النار“

”يقولون أنه كان ..“

”هاهاهاها .. من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله“

”ياما تحت السواهي دواهي .. اخ تفو على هيك أشكال“

وحدها .. كانت صامتة ..

لم تشترك بكل ذلك النقاش ..

اغرورقت عيناها بالدموع .. فمسحتها سريعا ..

وتشاغلت بالنظر إلى مكان بعيد.

2010/02/27

وآمنهم من خوف

في مساء اليوم السابق بدأت أصوات الاشتباكات تصلنا من بعيد. ولكنها لم تتوقف عن الاقتراب طوال الليل. وكلما هدأت الأصوات قليلا كانت السماء تضاء بقنابل إنارة تحيل الليل نهارا، وقبل أن ينتصف النهار كانت أصوات الرصاص وصرخات الرجال والحجارة المتساقطة على سطح البيت من المئذنة الملاصقة تحيلنا جميعا إلى جسد واحد مرتجف هلعا ورعبا ..

حطمت صلية رصاص قفل الباب الحديدي. وفي أقل من لمح البصر اقتحم البيت ثلاثة رجال أيديهم على زناد بنادقهم الأوتوماتيكية فيما كانت عيونهم تتقادح شررا باحثة في أرجاء المكان عن مسلحين من الطرف الآخر.

كانت أمي قد حشرتنا جميعا وراء ظهرها تحت طاولة خشبية .. فأخرجونا من تحتها واحدا واحدا .. وعندما أخرجوني ظنوني صيدا ثمينا فانهالوا علي بأعقاب بنادقهم .. ربطوا يدي وراء ظهري .. وربطوا على عيني فلم أعد أرى أي شيء ..

كان أبو إبراهيم على سطح البيت .. ما الذي أتى به في هذه الساعة؟

”أم محمد .. إنتي بس إعطيهم السلاح اللي عندكم وبيتركولك إبنك“ ..

سمعت الرجال الثلاثة يسحبون أقسام بنادقهم .. صرخت أمي متوسلة محاولة إقناعهم بأنها تهمة باطلة وبأننا بريئون منها .. فقرروا أخذي معهم بدلا من قتلي ..

تسللت أمي إلى دار جارنا أبو مروان .. فالرجل (واصل) وذو كلمة ونفوذ .. وزوجته جارة أمي وصديقتها وطالما كان بينهن ود وتزاور .. وعندما مر الرجال الثلاثة يسوقونني أمامهم مربوط اليدين والعينين أمام بيته خرج لهم ..

”أنا أبو مروان .. الولد عندي .. إتركوه لأمه على مسؤوليتي“

2010/02/05

وجرني حافيا

”بتقدر تروح هسه“

ورجعت حافيا كما جئت حافيا .. ولكن الفرق الجوهري الأول هو أنني جئت (أقصد جيء بي) في سيارة محشورا بين رجلين يتبادلان صفعي ولكمي .. وأن علي الآن أن أرجع إلى البيت ماشيا .. أما الفرق الجوهري الثاني فانتفاخ قدمي من جراء عدة جلسات متقطعة من التحقيق (الودي) ..

كان عمري خمس عشرة سنة .. نعم .. خمس عشرة سنة فقط ..

كل ما كانوا يريدون معرفته هو أين يمكن أن يكون أبي .. وعندما ذكرت أماكن معينة أخذوني إليها تسترني عتمة الليل وعتمة السيارة وعتمة إجباري على خفض رأسي بين الرجلين كي لا يراني أصحاب المكان .. ولما لم يجدوه في أي من تلك الأماكن اعتبروني أضللهم كي يتاح للهارب مزيد من الوقت لمزيد من الهرب .. ولكنهم أدركوا أخيرا أنني لم أكن أعلم فعلا وأنها لم تكن بطولة ولا تضحية ولا تعاطفا مع هارب كائنا من يكون .. فتركوني أعود إلى البيت ..

كانت المسافة بين مقرهم وبيتي نصف ساعة لشخص طبيعي في ظروف طبيعية .. ولكنني احتجت إلى ثلاثة أضعاف ذلك الوقت لكي أصل .. وعندما أشرفت على أول الدخلة المؤدية إلى بيتنا لمحت رجلا بكرش منتفخ يقف تحت نافذتنا .. تجاوزته وصعدت درجات السلم الثلاث وطرقت الباب. فتح لي ودخلت .. وقبل أن أتمكن من دخول الحمام سمعت طرقا شديدا على الباب الخارجي. ذهبت وفتحت الباب لأجد ذلك الرجل

”تعال معي .. بدنا إياك بكلمتين“

وجرني حافيا

2010/02/04

الخلافة وقناع التقوى

أخذني أبي معه ذات صيف لزيارة بعض أقربائه. كان أبي يحرص غالبا على أن يأخذني معه في زياراته لأقاربه وأصدقائه. وكانت بيوتهم – كما بيتنا – ضيقة. وكانت الزيارات عادة ما تمتد حتى وقت متأخر من الليل حيث لا تصبح العودة إلى البيت ممكنة لتأخر الوقت ..

وكانت الأحاديث دائما تتحول إلى نقاشات حامية .. وكانت الأصوات ترتفع وتحتد. وفي تلك النقاشات الحامية كنت أسمع أسماء ومصطلحات. كالخلافة والعمالة وعبد الناصر وحسن البنا .. لم أكن أفهم شيئا .. كل ما كنت أفهمه هو أن شجرة الرمان تكون بعيدة عندما لا نكون في البيت .. وكنت أحس لذلك السبب بسعادة غامرة ..

في تلك الليلة .. وبعد سهرة نقاش حامية فرشوا لنا في حوش الدار. كان أحدهم يحكي لي حكاية. وكنت مستمتعا بحكايته إلى أن أحسست بيده تتسلل تحت ملابسي لتتحسس جسدي الطفولي. صعقت. فقد كان ”هو“ من أشد المتحمسين للخلافة ومن أكثر المواظبين على صلاة الجماعة. وكلما ازدادت يده إصرارا للوصول إلى أماكن محددة كلما ازددت إصرارا في الابتعاد بتلك الأماكن عن متناول يده ..

لم يعد سرد الحكاية أول همه ولا الاستماع إليها غايتي. كل ما تمنيته في تلك الليلة أن يطلع الصبح سريعا وأن لا أنام.

2010/02/01

ساحرة ومسحور

أفقت من النوم على شبح جاثم فوقي. ند عني صوت خائف خافت، فهمس الشبح كلاما فهمت منه أنها تطمئنني. وأنها قد جاءت تغلق (الراديو) الذي تعودت أن أنام وهو على صدري. وفي ظلام الحجرة أحسست بوجهها يقترب مني حتى التصقت شفتاها بشفتي، ولفحني لهيب أنفاس حارقة. ولسبب لم أعرفه توقفت فجأة طالبة مني أن أتبعها. كالمنوم تبعتها. وفي مكان قريب من المكان الذي انقضت علي فيه الوزات الثلاث هائجة لمرأى بنطالي الأحمر القصير، انقضت هي علي أيضا. لم يكن ثمة داع لأية كلمات .. فما كانت تريده أوضح من أن يحتاج إلى كلام. لم أكن أعرف من الحب إلا كلمات الأغاني ومن الأنثى إلا قصاصات ورق اقتطعتها من ”الموعد“ و ”الشبكة“ .. إلا أن الطبيعة كانت معلما قديرا .. وكنت تلميذا نجيبا .. وكلما كانت تفتح عينيها المغلقتين كنت أرى فيهما ارتواء عطش طويل.

2010/01/25

هدى وهدى وتمام

كان اسم أمي هدى. واسم إحدى عماتي هدى. ولأسباب يعلمها الطرفان وينكرانها فقد تم تزويج هدى (أمي) لأبي بدلا لهدى (عمتي) التي تم تزويجها لخالي.

ولأن أخوالي يتامى فقد قصدوا أرض الله الواسعة ليسترزقوا. ولما كان خالي لا يستطيع البقاء في أرض الله بلا زوجة فقد طلب من عمتي أن تلحق به فأبت فهددها بالثانية فقلبت له شفتها وهزت رأسها استخفافا واستهزاءا. فما كان منه إلا أن نفذ تهديده فصار لها ضرة.

وكان ذلك سببا أكثر من كاف لكي تبتدئ مشاكل أمي. فعماتي انتصرن لهدى على هدى. وأقنعن جدي الذي لم يكن بحاجة لإقناع أبي بالزوجة الثانية. فأبي كان من أشد المؤمنين بكتاب الله .. وعلى الأخص قوله تعالى ”فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع“ وكان يقف عند ”رباع“ لا يتعداها إلى ما بعدها ..

وهكذا دخلت تمام بيتنا فقلبت حياتنا. ومن ضمن ما قلبته أن شجرة الرمان صار لها في بيتنا استخدامات أخرى.

2010/01/12

المتحول

لا يدري بالضبط ما الذي حصل له في تلك الليلة .. كل ما يذكره أنه كان حتى أمس طائر الحب الذي لم تنزل عينا رفيقته عنه لحظة واحدة منذ شهور طويلة ..

ولكنه في ذلك الصباح عندما استيقظ وقبل أن يفتح عينيه مد جناحه إلى حيث اعتادها أن تكون فلم يكن لها أثر. فتح عينيه على وسعهما. نظر يمينا ويسارا .. ليست موجودة. ظل في مكانه ينتظر ويترقب عودتها ولكن انتظاره امتد لآلاف من نبضات القلب وآلاف الزفرات ..

وأخيرا ظهرت .. ظنها قادمة نحوه فتقافز وهو يزقزق فرحا .. ولكنها تجاوزته متجنبة النظر في اتجاهه ..

ناداها فتجاهلت نداءه. لام نفسه إذ ربما كان صوته خافتا فلم تسمعه. نادى بصوت أعلى فالتفتت إليه ..

- ماذا تريد؟

- انتظرتك طويلا

- أنا لا أعرفك

- أرجوك .. ماذا تقولين؟

- أنت غراب. وأنا لم أعرف غربانا قط

- لست غرابا .. أنا طائر الحب الذي طالما تعلقت عيناك بعينيه وشفتيه

- لا أعرفك وكفى

نظر حوله فرأى بركة ماء .. طار إليها ووقف على حافة الماء ينظر إلى صورته باحثا عن ملامح غراب.

2010/01/09

السلفانا ومطرق الرمان

أما السلفانا فهي نوع من الشوكولاتة تعبأ في باكيتات واحدها يسمى ”سفط“. والسلفانا حلوى لذيذة للضيافة تقدمها ربة البيت لضيوفها مع فنجان القهوة لتكرمهم.

أما ربة البيت فكانت زوجة أبي الثانية. ضرة أمي الأولى. وكان اسمها تمام. وأما الضيوف فكانوا أهلها. وأما المناسبة فأظنها كانت ليلة العيد الكبير. ضيفت تمام أهلها ودحشت سفط السلفانا تحت السرير. وكان قريبا من يدي.

ولأنني أحب الشوكولاتة فقد طابت لي جيرة سفط السلفانا. ولم تفد معي جحرات تمام النارية. ولما كان النقاش ساخنا بين أبي وأنسبائه فقد كان جاهزا ليفش غله في. وفعلا، ما أن غادر ضيوفه البيت حتى شكتني تمام لأبي وأرته ما كان سفط سلفانا. وما أن سمع طرف الحكاية حتى أرعد وأزبد. وكانت شجرة الرمان على بعد فحجتين من باب البيت فلم تأخذ عملية قطع مطرق الرمان وتجهيزه الكثير من الوقت.

صددت المطرق الأول بيدي. وبينما أنا مشغول بالولولة من وجع الضربة الأولى جاءتني الضربة الثانية على مؤخرتي مشفوعة بشتائم أسمعها من أبي للمرة الأولى في حياتي. وقبل أن تصلني الضربة الثالثة كنت أعدو بسرعة لم أعهدها في نفسي من قبل.

ولم يكن تدبير مكان أختبئ فيه من والدي بالمسألة الصعبة. فقد كانت ليلة عيد. وكان السوق عامرا. فجلست في محل أحد الحلاقين أنتظر دوري للحلاقة. فغدا هو أول أيام العيد السعيد.

وكم كنت مؤدبا ومئثارا. فقد سمحت للكثيرين أن يأخذوا دوري.

وكانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل عندما دخل والدي محل الحلاقة. ويبدو أنه بحث طويلا عني. وظل طوال الطريق إلى البيت وهو يحاول طمأنتي إلى أنني لن أنال نصيبا آخر من ضربات مطرق الرمان

بووووظة بوظاااااة

كم كان صندوق البوظة ثقيلا علي!

ولذلك فقد كنت أكثر من استراحاتي كلما صادفت ظل حائط يقيني لهيب شمس الصيف. وكنت بين الفينة والفينة أعد ما تجمع في جيبي من نقود ثمن البوظة التي أبيعها فتؤلمني ضآلته فأشد قامتي. وكنت إذا ما عضني الجوع بأنيابه أعود إلى أمي ..

”بقديش بعت يما؟“

أمد لها يدي بما كسبت فتلقي عليها نظرة خاطفة ولا تقول شيئا. ولكنها كانت في مثل تلك الأحوال ”تشتري“ لإخوتي مني. وعندما كانت تراني أسترق لهم نظرات الغيرة كانت ”تشتري“ لي مني. فيأكلون وآكل. ثم أنطلق في رحلات تكسبي من جديد.

2010/01/07

المريلة

”يللا إصحى يما .. الساعة صارت ستة. بدنا نلحق نروح عالوزارة. المفروض قبل الساعة ثمنية نكون هناك“.

فتحت عيني. تقلبت في فراشي. فركت عيني، فأحسست بالنعاس كالرمل الخشن تحت جفني. منذ مدة لم أشبع من النوم. فقد كان عملي في النهار كبائع متجول يسلمني مهدودا كل مساء لسهرة حل الواجبات وتحضير دروس الغد. ومنذ أن تقلص البيت بعد أن أخلت الأسرة نصفه للموظف الجديد الذي حل محل أبي وأنا مضطر للدراسة في غرفة صغيرة هي بمثابة مدخل البيت. وقد بدأ الموظف الجديد مضايقاته لنا ليجبرنا على إخلاء البيت، فقام بقطع الكهرباء. ومنذ ذلك الوقت وأنا أدرس على ضوء بريموس (بابور) الكاز.

ومع ذلك كان يجب أن أنهض. ففي الليلة الفائتة وقف المختار على باب الحوش الخارجي وأخذ يطرق الباب طرقا مدويا .. وخرجت أمي للتحدث إليه.

”يا أم محمد. أبو محمد ما عاد موظف هون. والزلمة الجديد بدو البيت كله. الغرفة اللي فضيتولوا اياها ما بتكفيه. رجاءا بدي اياكم تدبروا حالكم من هون لآخر الشهر وتفضوله البيت“.

”بس أبو محمد ألله يفرجها عليه يا أبو إبراهيم. وأنا مره وحدانية هون ومقطوعة من شجرة. أهلي بالضفة وما فيه حدا أروحله أنا وولادي“.

”إسمعي أم محمد. الله يرضى عليكي لا تكثري حكي. ما حدا قال لأبو محمد يعمل اللي عمله تا يخسر وظيفته. ومش مشكلتنا وين تروحي انتي وولادك. إلكو ألله بس إحنا بدنا البيت“.

قمت من فراشي. لبست ما كان يسمى حذاءا. وخرجت مع أمي لنكون في تمام الساعة الثامنة أمام باب الوزارة.

”أنا أم محمد. مرت فلان الفلاني“.

”أهلا وسهلا“. قال الرجل الوسيم الجالس وراء مكتبه الفخم. نظر إلى أمي نظرة سريعة ثم نظر إلي بحنان.

”إنت محمد؟“. سألني.

”آه. أنا محمد“.

”شوفي يا أم محمد. أنا راح أحاول كل جهدي أساعدكم. راح أحاول أمطمط الشغلة أطول مدة ممكنة. وبلكي ربنا فرجها قبل ما يقدر الزلمة يوصل الشغلة للمسؤولين اللي أكبر مني“.

”الله يخليك يا سيدي. الله يخليلك أولادك. أنا مره وحدانية ومقطوعة وما إلي غير ألله وغيرك. أبو محمد كان يذكرك كثير بالخير. وعشان هيك أنا قصدتك أنت بالذات“.

”ألله يجيب اللي فيه الخير ويقدرني أساعدكم.“ أجابها.

”تعال يا محمد. خذ هاد الكرت وبتروح على مطعم المدينة المنورة. هاي كتبتلك العنوان وإسم صاحب المطعم هون. بتقوله بيسلم عليك أبو صهيب. وبقولك شغلني عندك. وبتشتغل عنده عبين ما ألله يفرجها معكم. فاهم شو حكيتلك ولا أعيد؟“.

”فاهم يا سيدي“.

أخذت منه الكارت. شكرته أمي وخرجنا.

عندما وصلنا إلى المطعم كان أبو صهيب قد كلم صاحب المطعم تلفونيا.

”أنت محمد“ سألني وهو يتفحصني.

هززت رأسي بنعم.

”ولكنك صغير يا محمد. إنت مش بتروح عالمدرسة؟“

”بروح. لكن هسه عطلة آخر السنة“

”طيب يا محمد. من هلأ بتقدر تداوم. الدوام هون من السبعة للسبعة.وراح أعطيك خمسطاشر ليرة بالشهر لأنك جاي من طرف أبو صهيب بس. وإلك وجبة غدا كل يوم ع حساب المحل“

ونادى بأعلى صوته ”يا شحادة“. فحضر رجل أربعيني.

”نعم سيدي“.

”خذ محمد معك ع المطبخ. راح يشتغل معكم ع الجلي“.

أخذني شحادة إلى مكان طويل وضيق. تضيؤه لمبات إنارة ضعيفة جدا. أعطاني مريلة وصلت إلى ما تحت منتصف ساقي. وبدأت العمل.